مقالات وأبحاث للدكتور ادوارد عبيد، نشرت في الصحف الأردنية
1- دور القيادة التربوية في زيادة فعالية المدرسين
يقع على عاتق القيادة لتربوية دور هام في تحديد ومعرفة المدرس الفعال، ومن اجل ذلك فان المدرس الفعال هو الذي يحقق الأهداف التي رسمها لنفسه، أو تلك التي رسمت له من قبل الغير ( المدير، المشرف، وزارة التربية ) ، من هنا يأتي دور القيادة لتربوية في الاهتمام بدراسة فعالية المدرس والارتقاء بها .
وينتج عن ذلك أن المدرس الفعال مدعو لامتلاك المعارف النظرية والتطبيقية وامتلاك القدرة على استغلال هذه المعارف لتحقيق الأهداف المرسومة. والقيادة التربوية تدرك أن امتلاك المعارف النظرية والتطبيقية تدخل في باب فعالية المدرس، وان استخدام هذه المعارف داخل غرفة الصف تدخل في باب أداء المدرس ومقدرته. كما أن القيادة لتربوية التي تهتم بفعالية المدرسين وفهمها، عليها أن تكون قادرة على مقارنة قدرة هؤلاء المدرسين بقدرتهم على تحقيق أهدافهم، وهذا هو المقصود بفعالية المدرس .
إن مفهوم فعالية المدرس يتضمن ثلاث مسلمات ، المسلمة الأولى، هي أن المدرس الفعال غالبا ما يكون واعيا بأهدافه ويعمل جاهدا لتحقيقها . وهذه الأهداف هي التي توجه مشاريعه التعليمية والسلوكية داخل غرفة الصف . ولكن هل المدرس الفعال هو الذي يعي دائما أهدافه؟ إذ يمكن للمدرس أن يعمل من اجل العمل فقط، ومعنى ذلك إن المدرس الفعال هنا هو الذي يتوق بحزم لتحقيق أهدافه. أما المسلمة الثانية فهي أن اغلب أهداف المدرس تتعلق باكتساب المعارف من قبل الطلبة. أي أن الأهداف لدى المدرسين تكون في صيغة معارف تكتسب من قبل الطلبة، وعليه فان فعالية المدرس تحدد بالنسبة لتعلم الطلبة فقط . أما المسلمة الثالثة فهي انه لا يوجد مدرس فعال على الدوام، فيجوز للمعلم أن ينجح مع الطلبة في موضوع ولا ينجح في موضوع أخر، وهذا يتحدد بناء على الأهداف التي ينوي تحقيقها، وأيضا يرتبط مستوى فعالية المدرس بمستوى الطلبة الذين يدرسهم، وعليه فالمدرس الفعال هو الذي يستطيع تطويع المعارف والخبرات في أوضاع مختلفة من اجل تحقيق الهدف، وما يميزه عن غيره هو قدرته على القيام بالعمل المطلوب لتحقيق هدفه، وليس التمسك بسلوك معين أو التعلق بتقنية أو طريقة محددة. هنا يبرز دور القيادة التربوية ي تفهم معنى فعالية المدرس والآلية التي يعمل بها لان عدم هذا الفهم يؤدي إلى فقدان فعالية المدرس معناها التربوي .
ومن السهولة نسبيا تعريف المدرس الفعال ولكن من الصعوبة تحديد العوامل المرتبطة بهذه الفعالية لان المدرس والتعليم الذي يقوم به لا يمثلان إلا عاملين من مجموعة العوامل المؤثرة في تعليم الطلبة، حيث إن إحدى البديهيات التربوية تقول بان المعارف والقدرات والقيم التي يمتلكها الطالب عند انتهاء عملية التعلم تتأثر بقوة بالمعارف والقدرات والقيم التي كان يمتلكها الطالب عد دخوله المدرسة . وهي نتاج معقد ودقيق يجمع بين العوامل الوراثية والوسط البيئي الذي ينتمي إليه الطالب، وأيضا الفوارق بين الطلبة غالبا ما تتعمق تبعا للقرارات التي يتخذها أولياء الأمور خصوصا في اختيار المدرسة التي يدرسون فيها . فعند دراسة فعالية المدرس يجب أن تؤخذ هذه العوامل بعين الاعتبار . كما أن الفعالية لا تتحدد في درجات مختلة بالأهداف التي يحاول المدرس تحقيقها وبميزات الطلبة الذين يدرسهم فحسب، بل أيضا بملامح المدرس نفسه، فالمدرسون كبقية البشر يختلفون فيما بينهم من حيث المعارف والقدرات والقيم، من هنا يبرز السؤال الذي يطرح من قبل القيادات التربوية ألا وهو : ما هي الجدوى من كل محاولة تهدف غالى الارتقاء بفعالية المدرس؟ بسبب تلك العوامل المتعلقة بكل من الطالب والمدرس. وان الإجابة على هذا السؤال يتمثل في الجوانب التالية:
أولا: عند تتبع عمل المدرسة والمعلم لفترة طويلة نكتشف انه بإمكان المدرسة والمدرس أن يؤثرا تأثيرا كبيرا، وان التأثير الأكثر وضوحا للتعليم المدرسي في مكتسبات الطلبة يتمثل في الارتفاع العالي للفروق بين تحصيل المتعلمين، من هنا تبدو أهمية الفعالية الفارقة بين المدارس والمدرسين التي تؤدي إلى فوارق مرتفع بين الطلبة .
ثانيا: في حالات كثيرة يؤثر المدرسون في بعض طلبتهم كثيرا، حيث يتذكر اغلب الناس مدرسا على الأقل لعب دورا هاما في حياتهم وبفضله أصبح يهتم بمادة دراسية أو اكسر . وعندما تتوافق أهداف المدرس مع أهداف الطلبة فان المدرسين في هذه الحالة كانوا فعالين .
ثالثا : أن امتلاك المعرفة النظرية والتطبيقية لدى المدرس لا تكفي في التأثير على استيعاب المعرفة لدى الطلبة لذلك على المدرسين أن يعرفوا متى يجب استغلال هذه المعارف لتحقيق الأهداف التي يسعون لتحقيقها وفي هذا الإطار من الممكن أن تتعارض طرائق المدرس مع الفعالية بسبب نقص المعارف النظرية والتطبيقية وعدم استغلالها في الوقت المناسب وهذا النقص لا بد من أن يؤثر على الفعالية .
الدكتور ادوارد عبيد
مدير مركز تدريب المعلمين في
الأمانة العامة للمؤسسات التربوية المسيحية
نشر في جريدة الرأي عدد رقم 13644 تاريخ 14شباط 2008
2- مقترحات لتطوير آلية لتقييم المعلم
صممت آلية تقييم المعلمين من اجل تحقيق هدفين:
الأول : من اجل قياس كفاءة المعلم .
الثاني : من اجل تبني الأساليب الاحترافية المتقدمة
وهذا التصميم يناقش الخصائص الفعالة لتقييم المعلم وبعض الأمور الأخرى التي يركز عليها المعلم .
يجب أن تقدم عملية التقييم تغذية راجعة مفيدة للمعلم واحتياجاته داخل غرفة لصف، وان تتيح له الفرصة من اجل تعلم تقنيات تعليمية حديثة، وان يناقش مع المدير والمعلمين في كيفية تغيير الأسلوب داخل غرفة الصف . ولتحقيق هذه الأهداف ، يجب على المسؤول عن عملية التقييم أن يضع خططا ومعايير تركز على :
- المهارات الدراسية الأساسية .
- الموضوعية في عملية التقييم قدر الإمكان .
- أن يكون هنالك اتصال مع المعلم قبل وبعد عملية التقييم .
- أن يكون هنالك اتصال مع المعلم من اجل تطوير عمله كمعلم .
- ويجب أن نأخذ بعين الاعتبار أن هنالك العديد من الأساليب والمهارات التعليمية التي يمكن للمقيم الاستفادة منها، وإذا تمكن المقيم من الوصول إلى تلك المصادر التي تحدد أداء المعلم، فانه يستطيع أن يقدم تقيما أكثر دقة.
ومن الطرق التي يستخدمها المقيم لتحديد ادعاء المعلم :
· مراقبة النشاط لصفي: وهذه الكر الطرق شيوعا، وهدفها الحصول على عينة من ادعاء المعلم داخل غرفة الصف. وهذا الهد لا يتحقق بعدد قليل من الساعات من مراقبة الادعاء، ولا بعد زيارة صفية واحدة. من الممكن أن تكون المراقبة رسمية ومخطط لها، أو غير رسمية وغير معلنة، وفي كلتا الطريقتين يمكن أن تتوفر للمقيم معلومات هامة عن ادعاء المعلم .
· مراجعة الخطط التي يضعها المعلم وكذلك السجلات التي يستخدمها مثل دفتر التحضير والعلامات المدرسية، وهذا يساعد على معرفة أسلوب المعلم في كيفية التخطيط للأهداف التعليمية. ورصد العلامات المدرسية تبين كيف قام المعلم بربط الامتحانات بالخطط التعليمية .
· زيادة عدد المشتركين في عملية التقييم: ويشارك عادة المدير وقسم الإشراف في علمية التقييم . لكن العديد من الأنظمة تقر بان المشرف هو المؤول عن تقييم أداء المعلم، وهذا الأمر يكون فعالا إذا كان الهدف من عملية التقييم هو تحديد كفاءة المعلم. أما أذا كان الهدف من عملية التقييم هو تطوير أداء المعلم في الموقف التعليمي، يتوجب أشراك مقيمين آخرين . وبعض المدارس تطلب التقييم الشخصي للمعلم. وأيضا تقييم الزملاء في العمل والطلبة يمكن أن يكون مفيدا في بعض الأحيان .
وعند كتابة التقرير عن عملية التقييم يجب مراعاة الأمور التالية :
- أن يقدم تغذية راجعة مفيدة للمعلم ولكن يجب أن لا تكون كثيرة .
- أن يقدم أفكارا أو حلولا مناسبة من وجهة نظر المعلم .
- أن يكون التقرير رسميا نوعا ما من اجل الحصول على أهداف عملية التقييم .
- أن يوازن بين الأمور الايجابية والسلبية .
- أن يقدم تغذية راجعة مفيدة للمعلم ولكن يجب أن لا تكون كثيرة .
وتعبير عملية الربط بين التقييم والتطوير صعبة بالنسبة لمعلم والمدير، وعليه فان التقييم يستخدم من اجل العمل مع المعلم لوضع أهداف محددة، كما آن النقد البناء مع تقديم الاقتراحات هام جدا لتلافي نقاط الضعف مع التركيز على تحديد المعلمين من ذوي الخبرة لمساعدة المعلمين الأقل خبرة . ويعتقد المعلمون بشكل عام أن عملية التقييم غير منتجة للأسباب التالية :
· لا يشارك المعلمون في وضع المعايير اللازمة لعملية التقييم ، حيث بعض المهن الاخرى يشارك أصحابها في وضع المعايير لتقييمهم ، بينما المعلمون مغيبون عن وضع تلك المعايير،بالإضافة أن الأنظمة والمدرسة تحدد أسلوب التقييم ، وهذا يؤدي غالى عدم ثقة المعلم بأسلوب التقييم وبالتالي طرح السؤال عن أهمية نتائج التقييم بالنسبة لهم .
· المقيمون لا يقضون وقتا طويلا في عملية التقييم حيث يتذمر المعلمون من عدم وجود مقيمين مدربين جيدا من اجل مساعدتهم في التخطيط وانجاز العمل بدقة، وبعضهم لا يمتلك الخبرة التقييمية الكافية، لذلك يكون التقييم غير موضوعي وغامض، وهذا يؤثر على المصداقية لدى المقيم من اجل انجاز عمله بطريقة فعالة .
إن التقييم الذي لا يستخدم لتطير أداء المعلم بطريقة ايجابية ينتهي نهاية فاشلة، والتحدي الكبير الذي يواجهه المقيم هو أن يكون التقييم ذو معنى ويقدم خبرة للمعلم لتطوير الأداء.
الكاتب
Boyd, Ronald T.C
ترجمة الدكتور ادوارد عبيد
مدير مركز تدريب المعلمين في
الأمانة العامة للمؤسسات التربوية المسيحية
نشر في جريدة الرأي بتاريخ 1/3/2008
3- دور القيادة التربوية في دفع المسيرة التعليمية
يعتبر المعلم عنصرا أساسيا في العلمية التعليمية لعظم الدور الذي يقوم به, والتأثير الذي يحدثه في الطلاب . لذا نجد المسؤولية التربوية تولي التعليم وإعداد المعلم أهمية خاصة لان مهنة التدريس تتطلب فيمن يمارسها الكثير من الإمكانات والصلاحيات، إذ ينبغي أن يعد المعلم إعدادا مهنيا وفنيا ووظيفيا وثقافيا ونفسيا واجتماعيا ، إعدادا يمكنه من القيام بدوره بنجاح . والمعلم يضطلع بأعباء مهمة وخطيرة لما له من دور كبير في تنشئة الجيل وإعداده للحياة، كما يتوقف نجاح أو فشل العملية التعليمية على مدى إتقان المعلم لدوره خصوصا إننا في عصر تعددت فيه ادوار المعلم وتغيرت أساليب التدريس . لذا فان تفعيل دور المعلم ومتابعته والحرص على تنمية مهاراته وتوجيهه باستمرار أصبح مطلبا أساسيا لنجاح العملية التعليمية وجزءا لا يتجزأ منها . والسؤال المطروح هنا ما دور الإدارة المدرسية في إنجاح العملية التعليمية؟ وهذا سؤال كبير، لان التطورات المتلاحقة في ميادين علم الإدارة أدت إلى انبثاق نظريات ودراسات حديثة ، وكان لتطبيق مفاهيم الإدارة الحديثة في الإدارة التعليمية الأثر الكبير في أداء المدرسة الحديثة .
وينظر إلى القيادة المدرسية ممثلة بالمدير على انه قائد تربوي تناط به مهام حيوية بالغة الأهمية، فلم يعد دوره يقتصر على إدارة المدرسة ومراقبتها وترتيب جداول الدروس وحفظ النظام، بل أن فعالية دوره مرتبطة بتحسين كفاية العملية التعليمية . وان نجاح المدرسة في تحقيق أهدافها ورسالتها مرتبط بالكيفية التي يدير بها مدير المدرسة مدرسته، والأسلوب القيادي الذي يمارسه، والصفات القيادية الناجحة التي تتمثل في شخصيته وقدرته على توظيف إمكانياته نحو العمل البناء من اجل بناء علاقات إنسانية ايجابية مع المعلين وحفزهم على العطاء المستمر، وان اهم تحد يواجه تحديث التعليم في الوقت الحاضر هو إيجاد قيادات تربوية فعالة يتوقف عليها نجاح المدرسة .
وقد ذكر( سرجيوفاني عام 1980 ) أن القيادة هي سلوك الفرد الذي يمارسه عندما يوجه الانشطة والأعمال التي يقوم بها الآخرون من اجل تحقيق الأهداف المطلوبة . ونجاح المدير كقائد تربوي يتحدد بوجود علاقة ايجابية بين أربع مهارات :
1. المهارة الذاتية .
2. المهارة الفنية .
3. . المهارة الإنسانية.
4. المهارة الذهنية .
والقيادة ليست قدرات آو سمات فحسب بل هي علاقة بين أفراد، فهي مهنة ووظيفة تجعل الإنسان قائدا عند فهمه للآخرين وتشجيع العمل الإبداعي والإحساس بحاجاتهم، وخلق جو من الثقة معهم وتحقيق طموحاتهم وتوزيع العمل بينهم والسير بخطى ثابتة لتحقيق الأهداف المطلوبة .
وكما نطالب بان يكون لدينا معلما فعالا في عملية التدريس نطالب أيضا بوجود قائد تربوي فعال إن دور القيادة التربوية في علاقتها مع المعلم تتحدد في الأمور التالية :
1 – تقديم الدعم المستمر للمعلم، ولكن ما هي الآلية التي على القيادة التربوية أن تتبعها في عملية الدعم المستمر ؟
إن الآليات كثيرة ومنها توفير الدعم المادي والمعنوي وتوفير بيئة تعليمية مناسبة وتوفير الدورات التدريبية، وغيرها من الآليات التي يعتقد القائد التربوي انه يوفرها للمعلم .
2 - التخطيط للوصول إلى معلم يمكن أن نطلق عليه المعلم المتعاون، والمعلم المتعاون الذي تطمح القيادة التربوية في تحقيقه يتميز بالميزات التالية: أن يكون المعلم ملاحظا، مخططا، مقوما، مرشدا، مشاورا، وصديقا .
3 – الوصول مع المعلم لتحقيق الأهداف المطلوبة والمخطط لها .
أن علاقة الإدارة التربوية مع المعلم من اجل توفير الدعم والوصول إلى المعلم المتعاون وتحقيق أهداف المدرسة يفرض على القيادة التربوية أن تقوم بعملية متابعة، ويجب آن تهدف المتابعة تحقيق التعاون مع المشرفين والمعلمين بطريقة تسمح لهم وتشجعهم بان يعملوا معا لتطوير وتعزيز العملية التعليمية، كما يجب أن تؤمن طريقة فعالة من اجل وضع الخطط لمساعدة المعلمين محدودي الأداء . والقيادة التربوية مطالبة بتامين قاعدة اساسية من اجل اتخاذ قرارات منطقية حول قضايا الاحتفاظ بالمعلمين آو نقلهم أو فصلهم . وعليها أيضا حماية الطلاب من المعلمين غير الأكفاء وحماية المعلمين من المدراء غير التخصصين ، كما على القيادة التربوية أن تحدد سنويا مدى إسهام المعلم في تحقيق رسالة المدرسة .
وعندما تتوفر هذه القاعدة العلمية والمهارة الفنية لدى القيادة التربوية، فان العملية التعلمية التعليمية تخطو خطوات وسعة نحو الأمام من اجل تحسين جودة العملية التربوية. وقد اشر المختصون في التربية خلال العقد الماضي بان فعالية التربية مرتبطة ارتباطا وثيقا بفعالية المدرسين، من هذا المنطلق يأتي الدور الهام للقيادة التربوية في عملية أنماء فعالية المدرسين وتحديد الاستراتيجيات المثلى لذلك . وهذا ما نتحدث عنه لاحقا.
الدكتور ادوارد عبيد
مدير مركز تدريب المعلمين في
الأمانة العامة للمؤسسات التربوية المسيحية
نشر في جريدة الرأي بتاريخ 16/2/2008
4- تدريس أم تعليم ؟
هنالك خلط كبير بين مفهوم التدريس ومفهوم التعليم، فيسأل المدرس هل يعمل في حقل التدريس أم في حقل التعليم ؟ فتكون الإجابة أن التعليم هو التدريس، كذلك لا يستطيع الطالب أو ولي الأمر أيضا التمييز بين المفهومين، ولان التدريس يختلف عن التعليم لا بد من توضيح كلا المفهومين والعلاقة بينهما، حتى يستطيع المدرس( وهنا يجب استخدام كلمة المدرس بدلا عن المعلم)، لان كل فرد يمكن آن يكون معلما ،أما المدرس فهو يختلف كليا عن المعلم.
ويعرف التعليم بأنه نشاط تفاعلي بين المعلم وطلابه، يعتمد على الاتصال اللفظي بشكل رئيسي بغرض مساعدة الطلاب على التعلم أو بغرض إحداث تعديل مقصود في سلوكهم. بينما التدريس هو ظاهرة معقدة متعددة الأبعاد، غرضها أن يتعلم الطلبة جسماً منظماً من المعرفة والمهارات، وفق المتطلبات التي تقتضيها طبيعة المادة نفسها وخصائص المعلم وطلبته، في إطار منظم من الإجراءات والأنماط السلوكية التي يقوم بها الطلبة فرادى أو في مجموعات، خلال زمن معين، يحركها المعلم بما يتبعه من أساليب وطرق تدريس . وبذلك فالتدريس عملية مقصودة تستفيد من القوانين التي كشف عنها علم التعلُّم، فالتعلُّم علم، والتدريس تكنولوجيا حيث يتم فيها تطبيق وتوظيف ما كشف عنه العلم في مواقف تعليمية وتربوية. ويرى البعض أن عملية التدريس عملية منظمة يمارسها المدرس، بهدف نقل ما في ذهنه من معلومات ومعارف إلى المتعلمين الذين هم بحاجة إلى تلك المعارف، والتي تكونت لديه بفعل الخبرة، والتأهل الأكاديمي والمهني وعليه فان عملية التدريس هي إجراء تطبيقي يستخدم ما كشف عنه علم التعلُّم في مواقف تعليمية وتربوية داخل الصف المدرسي وخارجه.
ولتوضيح مفهوم التدريس اعتبر أندرسون وبيرنز أن للتدريس مكونات أطلقا عليه مكونات عملية التدريس وتشمل هذه المكونات: الغرض ويعني أن التدريس عملية هادفة ولها غرض هو تعلم جسم من المعارف وكسب مهارات واتجاهات مرغوبة ، والمطالب، التدريس له مطالب تحددها طبيعة المادة وخصائص المتعلمين وسمات المعلم وواقع المدرسة وإمكاناتها . أما التصميم، فيشمل الاستراتيجيات وطرق التدريس التي يتبعها المدرس في تحقيق التعلم . في حين أن التنظيم الصفي هو كيفية تنظيم تعلم الطلاب، هل سيكون تدريساً جماعياً على مستوى الصف بأكمله كمجموعة واحدة، أم على مستوى مجموعات تعلم،أم تعليماً فردياً. ويشمل وقت التدريس الفترة التي يستمر بها التدريس، ووقت حدوثه، ونظراً لشمولية التدريس فهو يحتاج إلى وقت طويل، في حين أن التعليم يكون آنياً، أي يتم في زمن قصير . أما التعليم فيهتم هذا البعد بالتفاعل بين المدرس والطلاب، ويركز على سلوك كل منهما على انفراد أو بشكل مجتمع . مما سبق يتضح لنا أن التعليم لا يشكل سوى أحد مكونات التدريس، فالتعليم هو تفاعل صفي (يحدث داخل غرفة الصف) في حين أن التدريس عملية شاملة معقدة متعددة الأبعاد والمكونات
لذلك فالتدريس علم له أصوله وقواعده التي تساعد في فهمه وتفسير ما يحدث في بيئة التعلم، والتنبؤ بما يحدث فيها تمهيداً للسيطرة على مجريات هذه العملية وتوجيهها نحو الأفضل . وعلم التدريس هام جداً للمبتدئين لأنه يساعدهم في كسب المهارات الأساسية اللازمة لممارسة المهنة، وبعد إتقان هذه المهارات يأتي دور البراعة أو الفن . ويعتبر التدريس فنا من حيث أن بعض مظاهره ذات طابع فردي أو شخصي، تلعب فيه خبرة المدرس وقيمه وعاداته ومفهومه عن التدريس دوراً مركزياً . ولذلك يختلف المدرسون في تعاملهم مع مواقف التعلم المتنوعة وبراعتهم في استغلال كل فرصة متاحة لجذب انتباه طلابهم ودفعهم للمشاركة في نشاطات التعلم بشغف واهتمام . كما يفعل الممثل تماماً على خشبة المسرح مستغلاً نبرات صوته وتعبيراته الجسدية، وسرعة بديهته في معالجة المواقف الطارئة واستثمارها. ويمزج المدرس في ممارساته بين التدريس كعلم والتدريس كفن ويتمثل ذلك في القول التالي: " إن ما عليه المدرس (مظهر فني) يمتزج بما يستخدمه في تدريسه (مظهر علمي) لتحديد ما يقوم به أثناء التدريس (علم وفن) " . ومن خلال اعتبار التدريس علم وفن ، فان المدرس يُظهر من خلاله قدراته الفنية والتعبيرية والمهارة في الأداء. كما أن عملية التدريس تعتبر نظاماً تربوياً له مدخلاته وعملياته ومخرجاته وعملية تعتمد في تطويرها على بحث آثار متغيرات موقف التدريس ـ التعلُّم على مخرجاتها، وطبيعة التفاعلات بين الآثار والنتائج .
ويعتبر التدريس نشاطاً متواصلاً يهدف إلى إثارة التعلُّم وتسهيل مهمة تحقيقه، ويتضمن سلوك التدريس مجموعة الأفعال التواصلية والقرارات التي يتم استغلالها وتوظيفها بكيفية مقصودة من المدرس الذي يعمل كوسيط في إطار موقف تربوي تعليمي.
كما أن التدريس عملية متعمدة لتشكيل بيئة المتعلم بصورة تمكنه من تعلم ممارسة سلوك معين أو الاشتراك في سلوك معين وذلك وفق شروط محددة (يُقصد بالشروط متطلبات حدوث التعلُّم: شروط خاصة بالمتعلم، وأخرى خاصة بالموقف التدريس، وثالثة خاصة بالمعلم ... إلخ متطلبات التعلُّم الجيد).
الدكتور ادوارد عبيد
مدير مركز التدريب في
الأمانة العامة للمؤسسات التربوية المسيحية
نشر في جريدة الرأي عدد رقم 13680 تاريخ 21/3/2008
5- الحاجة إلى تربية جديدة في عصر المعلوماتية
يمر العالم في الفترتين الراهنة والقريبة بتغيرات جذرية اجتماعية وسياسية واقتصادية وثقافية، ويسير حسب المختصين نحو تحقيق تحولات أساسية سببها التطور الفائق لتكنولوجيا المعلومات والنمو المطرد لحجم المعلومات التي أحدثت تغيرات عديدة في أنماط المعيشة، وطريقة العمل في مختلف ميادين الحياة . ومعنى ذلك أن المعلومات والمعرفة العلمية التي تنشرها تكنولوجيا المعلومات اقتحمت البيوت دون استئذان ، وأصبحت حاجة ملحة وذات أهمية كبيرة في حياة البشرية التي تتسم بالتعقيد والتشابك .
لقد أدرك العالم وتقبل المعلوماتية كوسيلة أساسية هامة للتنمية، ولقد كان التوظيف الصحيح لهذه الوسيلة الفعالة للتنمية هو النموذج المتبع في الدول الصناعية والمتقدمة . ومن الواضح بمكان انه من خلال استخدام المعلوماتية، فان الدول المتقدمة تستغل مصادرها بشكل أفضل مما يسهل عليها التقدم في كل مناحي الحياة، وفي المقابل فان النقص في التخطيط السليم والاستخدام السلبي للمعلومات كانا من الأسباب الرئيسة في عدم الاستفادة من المصادر المتوافرة لدى الدول النامية . إن تطوير التقنية الحديثة للمعلومات والاستخدام الأمثل لها هما عنصران أساسيان في تطوير كافة الأنظمة المجتمعية، بما فيها النظام التعليمي، لان أي تطوير مبني على الادعاء الاكثر فعالية، يجب أن يعتمد على معلومات حديثة، وبالتالي من المهم جدا للمخططين في الدول وصانعي القرارات والمديرين والباحثين الحصول على ميكانيكية معتمدة للتأكد من توفر البيانات والمعلومات .
والتربية سواء بصفتها متغيرا تابعا للتحول المجتمعي آو محركا أوليا لهذا التحول، هي بحكم دورها وطبيعتها أكثر جوانب المجتمع عرضة للتغير، بناء على ذلك، فان المتغيرات الحادة التي ينطوي عليها عصر المعلومات ستحدث بالضرورة هزات عنيفة في منظومة التربية: فلسفتها، سياستها،مناهجها وأساليبها .
وتسعى كل فلسفة تربوية إلى تحديد غايات التربية، وعليها أن تجيب في شأن ذلك على سؤالين هامين :
· لماذا نعلم ونتعلم؟
· ما مواصفات الإنسان تناج التربية المنشودة ؟
والفلسفة التربوية لا تنشأ من فراغ، بل تستند على فلسفة اجتماعية، وهي غير ثابتة ونهائية، حيث أنها تتسم بالتنوع والمرونة، وقد تضاعفت اهمية هذه الامور في عصر المعلومات . وعلى التربية وان تحقق ثلاث غايات في كل عصر :
· إكساب لمعرفة .
· التكيف مع المجتمع .
· تنمية الذات والقدرات الشخصية .
وقد أضاف عصر المعلومات بعدا تربويا رابعا وهو ضرورة إعداد إنسان العصر لمواجهة مطالب الحياة في ظل العولمة، وهذه الغايات لا تختلف كثيرا عن تلك التي وردت في تقرير اليونسكو ( التعليم ذلك الكنز المكنون ) وهي :
· تعلم لتعرف .
· تعلم لتعمل .
· تعلم لتكون .
· تعلم لتشارك .
والتربية قبل عصر المعلومات قامت على أساس تربية الإعداد الغفيرة من الطلبة مما أدى إلى إنتاج أفراد ذوي قدرات متوسطة، أما في عصر المعلومات فان التربية تسعى إلى اكتشاف الموهوبين وتنمية قدراتهم وذلك بتطويع برامج التعليم لتلاءم قدرة وموهبة الطلبة وتنمية ابتداعهم . وتعمل التربية في عصر المعلومات على تلبية الإبداع والخيال من خلال :
· إتباع أساليب التعلم بالاكتشاف من خلال التجربة والخطأ .
· الدعم الكبير الذي تقدمه تكنولوجيا شتى أنواع الإبداع المختلفة .
· التعلم من خلال الحوار المشاركة عن بعد ( الانترنت ) .
· تنمية مهارات التواصل عبر البريد الالكتروني وحلقات لنقاش وغيرها .
لذلك أصبح توفر شبكة من المعلومات والدخول إلى عصر المعلومات من الضروريات الأساسية من اجل خلق تربية معلوماتية عصرية رغم التحديات الهائلة التي يطرحها مجتمع المعلومات ، وهذه التحديات أدت إلى مراجعة شاملة ودقيقة للأسس التربوية، لقد عاد مفهوم التربية يطرح نفسه مجددا كشاغل رئيسي لعلماء التربية . فلم يعد هدف التربية هو تحصيل المعرفة، فلم تعد المعرفة هدفا في حد ذاته بل الأهم من تحصيلها هو كيفية الحصول عليها والوصول إلى مصادرها الأصلية وتوظيفها في حل المشكلات، وكيفية إتقان أدوات التعامل معها، ويجب أن تكتمل المعرفة باستيعابها وتعميقها وتوظيفها . فالعلم في عصر المعلومات هو ممارسة العلم، والتعليم في عصر المعلومات هو ممارسة أن نعلم الفرد كيف يتعلم ذاتيا . والتربية في عصر المعلومات تهتم بتنمية التفكير الايجابي، وتعميق روح المشاركة، فلا وجود في مجتمع المعلومات للقبول بالمسلمات . وع ذلك لا يعني انتشار الوسائل الالكترونية لحفظ المعلومات أن الإنسان لم يعد بحاجة إلى الذاكرة البشرية، فعلى العكس يحتاج تضخم المعلومات وسرعة تدفقها إلى حسن استغلال الإنسان لموارد ذاكرته الطبيعية، من خلال تخزين لمفاهيم والبيانات والعلاقات . أي أن أولى مسؤوليات إنسان العصر هي مسؤوليته تجاه عقله ومداومة تنمية قدراته وصيانة موارده الذهنية .
د . ادوارد عبيد
مدير مركز تدريب المعلمين
في الأمانة العامة للمؤسسات التربوية المسيحية
نشر في جريدة الرأي عدد 13683 تاريخ 24/3/2008
6) الإدراك فوق المعرفي..ما هو
ظهر مصطلح الإدراك فوق المعرفي Metacognition في السبعينات من القرن الماضي، وأول من اشتق هذا المصطلح هو فلافيل Flavell عام 1976. ولقد كان للأبحاث التي قام بها فلافل (Flavell) حول تطور الذاكرة والتذكر أثر في ظهور مصطلح الإدراك فوق المعرفي، إذ يرى أن عمليات تطور الذاكرة في جزء كبير منها هو نتيجة تطور بنية الذكاء والرقابة الذكية لعمليات تخزين المعلومات واسترجاعها. وعليه فان الفرد الذي لديه وعي أعلى في العمليات السابقة يصبح لديه قدرة اكبر على تنظيم أفكاره وتوجيهها لتحقيق أهداف محددة وإنجاز مهمات معرفية أكثر أي يصبح لديه القدرة على التفكير حول تفكيره .
ومازال مفهوم الإدراك فوق المعرفي يلقى الكثير من الاهتمام نظرا لارتباطه بنظريات الذكاء والتعلم واستراتيجيات حل المشكلة واتخاذ القرار. والإدراك فوق المعرفي يعني معرفة الشخص بنفسه، و بالمهمة التي يقوم بها، وبالإستراتيجية التي تلزم لمعالجة هذه المهمة، وهو يعني معرفة الفرد الخاصة بعملياته المعرفية ونتائجها. والإدراك فوق المعرفي هو المقدرة على مراقبة تفكير الفرد وضبطه وتنظيمه. وهو تقييم الحالات والأوضاع المعرفية، مثل التقدير الذاتي، والإدارة الذاتية.
والإدراك فوق المعرفي هو إدراك الفرد ووعيه للعمليات المعرفية الخاصة به بغض النظر عن مضمون تلك العمليات، مع استخدام ذلك الوعي الذاتي في ضبط العمليات المعرفية وتحسينها. ويعني أيضا الوعي بتفكيرنا عندما نقوم بإنجاز مهمة أو مهمات محددة، أو نستخدم هذا الوعي في مراقبة ما نفعله أو ضبطه وهو بذلك تفكير استراتيجي. ويعد الإدراك فوق المعرفي من أعلى مستويات التفكير، إذ يوصف بأنه مستوى من التفكير المعقد، يتعلق بمراقبة الفرد لكيفية استخدامه لعقلة .
ويشار أيضا إلى أن الإدراك فوق المعرفي هو عملية تخطيط الفرد وتقييمه ومراقبته لتفكيره الخاص، وبذلك يعتبر قمة العمليات العقلية. ويتضمن الإدراك الفوقي أعلى مستوى من التفكير العادي وأكثر تعقيدا منه، وأن العمليات المتضمنة فيه هي التخطيط والمراقبة والتقييم .
ويتضمن مصطلح الإدراك فوق المعرفي عدة عناصر، لكن لا يوجد اتفاق بين السيكولوجيين على هذه العناصر، إذ قسمه فلافل (Flavell) إلى معرفة فوق إدراكية وخبرة فوق إدراكية، وتشير الأولى إلى معرفة الفرد بنفسه، وبالمهمة المدركة، وبالإستراتيجية المستخدمة في الإدراك، أما الثانية فتشير إلى آية خبرة واعية سواء كانت عقلية أم انفعالية. في حين قسمت بروان (Brown ) الإدراك فوق المعرفي إلى قسمين رئيسيين هما: المعرفة عن الإدراك، وتعني معرفة الأفراد عن عملياتهم العقلية، وتنظيم الإدراك، ويتضمن التخطيط والفهم المسبق للمشكلة والمراقبة والتقويم. ويرى جاكوبس وباريس (Jacobs & Paris, ) أن الإدراك فوق المعرفي يتضمن مظهرين أساسيين هما:
1. التقويم الذاتي للإدراك Self – appraisal of Cognition
2. الإدارة الذاتية للإدراك Self – management of Cognition
ويتضمن التقويم الذاتي للإدراك ثلاثة أشكال هي:
1. المعرفة التقريرية ((Declarative Knowledge: وهي تنطوي على الحقائق وتعبر عما هو معروف في مجال معين وتجيب عن السؤال ماذا (Why)، أي الوعي بالمهارات والاستراتيجيات والمصادر اللازمة لإنجاز المهمة.
2. المعرفة الإجرائية (Procedural Knowledge): وهي تجيب عن السؤال كيف (How)، وتتعلق بالإجراءات المختلفة التي يجب أن تؤدى لتحقيق المهمة، مثل التخطيط للحركة القادمة، واختيار الاستراتيجيات، وتحديد الوقت المناسب، وتحديد الجهد المطلوب، والمراجعة والتغيير إلى استراتيجيات أخرى لإزالة مشكلات تعترض الأداء. إن هذه المعرفة تتضمن الإلمام بمعلومات إجرائية مثل: كيف يمكن للطالب أن يتصفح كتابا بسرعة؟ أو كيف يمسحه (Scan)؟ أو كيف يلخصه، أو كيف يستخلص معلومات غير واردة بوضوح في النص. وتعد المعرفة الإجرائية ذخيرة من السلوكيات المتوافرة لدى الفرد تساعده في الوصول إلى أهدافه المختلفة.
3. المعرفة الشرطية (Conditional Knowledge): وهي تجيب عن السؤال لماذا (Why) تم اختيار أو استخدام إستراتيجية ما؟ أو متى يمكن استخدام إستراتيجية ما بدلا من أخرى؟ مثل متى تتصفح الكتاب ؟
وعليه فان هذه المعارف الثلاث تعتبر هامة وحاسمة في برامج التدريب الناجحة في مجال الإدراك فوق المعرفي، وتعتبر أساسية في هذا النمط من التفكير الاستراتيجي.
أما العنصر الثاني لمصطلح الإدراك الفوقي، فيتمثل في الإدارة الذاتية للمعرفة ويتضمن: التقييم، والتخطيط، والتنظيم.
فالتقييم تقدير لمعرفتنا الراهنة، مثل هل فهمت ما قرأته؟ هل صادفت هذه المشكلة من قبل ؟ هل هناك مزيد من المعلومات يمكن أن تجمع قبل الشروع بالمهمة؟ إن عملية التقييم هذه عملية داخلية تبدأ قبل البدء بالمهمة، وتستمر أثناء إنجازها وبعده، وتتضمن التحقق من مدى الوصول إلى الأهداف . أما التخطيط فانه يتضمن تحديد الأهداف، واختيار الاستراتيجيات اللازمة، والإجراءات المرتبطة بإنجاز المهمة، وتحديد الصعوبات، وطرق التغلب عليها، والتنبؤ بالنتائج. ويتضمن التنظيم التحقق من مدى التقدم نحو الهدف أو الأهداف الفرعية، ومن ثم مراجعة الخطط والاستراتيجيات وتعديلها بناء على مدى نجاحها في تحقيق الأهداف .
وعليه فأن المهمات التي يقوم الطلبة بإنجازها تتضمن ثلاث مراحل: مرحلة ما قبل المهمة، ومرحلة أثناء المهمة، ومرحلة ما بعد إنجاز المهمة. وفي كل مرحلة من هذه المراحل يتحقق التقييم والتخطيط والتنظيم، فقبل الشروع بالمهمة ربما يقيم الطلبة ما لديهم من معرفة حولها بسؤال أنفسهم: هل نعرف كل شيء نريده عنها؟ وبعد ذلك يخططون لأعمالهم برصد أهداف عامة وأخرى فرعية في ضوء تقييمهم لمعرفتهم. ويستمر الطلبة أثناء إنجاز المهمة في تقييم معرفتهم عنها، فقد يكتشفون بعض الثغرات، كنسيان أجزاء مهمة من المعرفة التقريرية أو الإجرائية، أو الشرطية، وقد يتوقفون قليلا لإعادة تجميع المعلومات، وقد ينشغلون بأسئلة مثل: ما الذي ينبغي عمله بعد ذلك؟ ما أفضل إستراتيجية لتنفيذ ذلك؟ ويستمر الطلبة في تنظيم تقدمهم تجاه هدفهم. وبعد إنجاز المهمة، يحاول الطلبة مرة ثانية تقييم معرفتهم حول المهمة بالتركيز على المعارف التقريرية والإجرائية والشرطية، وطرح أسئلة مثل: ما الحقائق التي تم تعلمها؟ وما الذي كان يمكن تعلمه .
وهكذا يلاحظ أن مفهوم الإدراك فوق المعرفي يتضمن تفاعلا مستمرا بين التقويم الذاتي للمعرفة، والذي يتضمن المعرفة التقريرية والإجرائية والشرطية، وبين إدارة الذات، والتي تتضمن عمليات التقييم والتخطيط والتنظيم.
ونظرا لأهمية الإدراك فوق المعرفي في مساعدة الطلاب على فهم ما يفترض منهم تعلمه وتحسين أدائهم الدراسي فانه من الضروري الاهتمام بهذا النوع من التفكير وتنميته. وعليه توجد ثلاثة أسباب لأهمية تنمية مهارات الإدراك فوق المعرفي في غرفة الصف، وهي:
1. تحسين أداء الطلبة.
2. تحسين اتجاهات الطلبة نحو الموضوعات الدراسية.
3. تقوية الطلبة بحيث يكونوا مسؤولين عن أمر تعلمهم بأنفسهم.
د . ادوارد عبيد
مدير مركز تدريب المعلمين
في الأمانة العامة للمؤسسات التربوية المسيحية في الأردن
نشر في جريدة الرأي عدد رقم 13688 تاريخ 29/3/2008
7) المشكلات السلوكية عند الطلبة ... معايير واشكال
ليس من السهل تحديد الخط الفاصل بين السلوك السوي والسلوك الشاذ، وبداية لا بد من تعريف السلوك التعريف العلمي، حيث أن السلوك هو التفاعل القائم بين الإنسان وبيئته، وهو يشير إلى أن التفاعل عملية متواصلة، فالسلوك لا يحدث في فراغ وإنما في بيئة ما، ولهذا فهو يؤثر في البيئة ويتأثر بها، وبشكل عام فان السلوك هو كل ما يفعله الإنسان ظاهرا كان أم غير ظاهر، وينظر إلى البيئة على إنها كل ما يؤثر في السلوك، فالسلوك مجموعة من الاستجابات والبيئة مجموعة من المتغيرات . أما المشكلات السلوكية فهي عبارة عن أشكال السلوك غير السوي التي تصدر عن الفرد نتيجة لخلل في عمليات التعلم، وغالبا ما يكون ذلك على شكل تعزيز السلوك غير التكيفي وعدم تعزيز السلوك التكيفي،لذلك فالسلوك السوي هو ذلك السلوك المعبر عن تكيف مناسب يكون فيه التفاعل بين الفرد ومحيطه وبين نفس تفاعلا مثمرا .
ولتحديد السلوك السوي من السلوك غير السوي لابد من تحديد أكثر من معيار للتمييز بينهما، فجميع المعايير المستخدمة بهذا الشأن فيها مواطن ضعف، مما يجعل الاعتماد على أي منها دون اخذ المعايير الأخرى بعين الاهتمام أمر غير مناسب، ومن هذه المعايير:
1 . المعيار الاجتماعي
هو المعيار الذي يعتمد ف تحديد السلوك اعتمادا على معايير المجتمع من عادات وتقاليد وقيم . السلوك الذي يوافق قيم المجتمع وعاداته يعتبر سويا،وما يتعارض مع قيم المجتمع وعاداته يعتبر غير سوي، ويختلف هذا المعيار من مجتمع إلى أخر، ومن بيئة إلى أخرى، ومن زمن إلى زمن آخر . والانتقاد الموجه لهذا المعيار انه يلغي فردية وشخصية الإنسان لان على الفرد الامتثال للتقاليد في المجتمع .
2. المعيار الذاتي
أي شعور الفرد أو عدم شعوره بالرضا عن سلوكه، ويشمل حكم الفرد نفسه على سلوكه، فإذا كان الفرد راضيا عن سلوكه، فليس لديه مشكلة، أما إذا كان غير راض عن سلوكه فلديه مشكلة، والانتقاد الموجه لهذا المعيار أن الفرد يكون لديه مشكلات سلوكية ولكنه راض عن ذلك تماما .
3. المعيار النفسي الموضوعي
يعتمد هذا المعيار على تحليل السلوك ودراسته دراسة علمية وتحديد الخلل بناء على الدراسة الموضوعية للسلوك ويتضمن سلوك الفرد الحالي وتاريخه السابق والاستعانة بالاختبارات وأساليب جمع المعلومات للوصول إلى التشخيص لتحديد السلوك بأنه سوي أو غير سوي .
4. المعيار الإحصائي
يعتبر سلوك الفرد غير السوي إذا انحرف بشكل ملحوظ عن المتوسط الحسابي ( ما يفعله معظم الناس ) الإفراد الذين تشبه سلوكياتهم سلوكيات أغلبية الناس في المجتمع . والانتقاد الموجه لهذا المعيار أن السلوك يعتبر سويا إذا كان شائعا بين الناس، أما إذا كان غير شائع فهو غير سوي .
ويعتبر ويكمان (Wakkeman ) عام 1928 أول من أشار إلى المشكلات السلوكية في المدارس لأول مرة، وتطورت دراسة المشكلات السلوكية الصفية للوصول إلى تعريف مقبول للمشكلات السلوكية تساعد المعلم في غرفة الصف، وعليه فان الفرد الذي لديه مشكلات سلوكية هو الذي يتراوح معدل انخفاض سلوكه بين المتوسط والحاد، وهذا الانخفاض في السلوك يعمل على تخفيض قدرته على أداء واجباته المدرسية بفاعلية، ويظهر واحدة أو أكثر من النماذج السلوكية التالية:
· عدم القدرة على التعلم والذي لا يرتبط بالعوامل العقلية أو الحسية أو العصبية .
· عدم القدرة على بناء علاقات شخصية مع الأقران والمدرسين والاحتفاظ بهذه العلاقات .
· مزاج عام من الشعور بعدم السعادة والحزن والكآبة .
· أنماط غير ملائمة أو غير ناضجة من السلوك والمشاعر في الظروف العادية .
· ميل لظهور اعرض جسمية مثل مشاكل ف النطق والكلام ومخاوف مرتبطة بمشاكل شخصية .
وتظهر المشكلات السلوكية في غرفة الصف على عدة إشكال منها:
· اضطرابات عرفة الصف الناتجة ع مشكلات إدارة غرفة الصف وتتمثل في السلوك الوقح، عدم الطاعة، نوبات الغضب المؤقتة، إزعاج الآخرين والخروج من المقعد .
· السلوكات غير الناضجة وتشمل النشاط الزائد، الاندفاع والتهور، الفوضى والاستهتار والصراخ .
· السلوكات الخطرة وتشمل القلق والتوتر، المخاوف المرضية، ضعف تقدير الذات، الاكتئاب والصمت الاختياري .
· العادات المضربة وتشمل ضعف الأداء الأكاديمي واضطرابات في النطق
· الاضطراب في العلاقات مع الزملاء وتشمل العدوان، الانسحاب والحياء والعزلة الاجتماعية .
د. ادوارد عبيد
مدير مركز تدريب المعلمين
في الأمانة العامة للمؤسسات التربوية المسيحية
نشر في جريدة الرأي عدد 13706 تاريخ 16/4/2008
8) مهارات الإدراك
فوق المعرفي
تحدثنا في مقالة سابقة عن مفهوم الإدراك فوق المعرفي، وسوف نتحدث في هذه المقالة عن
مهارات الإدراك فوق المعرفي وكيفية استخدامها في غرفة الصف . لقد أجريت دراسات منذ
بداية السبعينات حول
مفهوم عمليات التفكير فوق المعرفية وتوصلت إلى تحديد عدد من المهارات العليا، التي
تقوم بإدارة نشاطات التفكير وتوجيهها عندما ينشغل الطالب في موقف حل المشكلة أو
اتخاذ القرار. وقد صنف ستيرنبرغ هذه المهارات في ثلاث فئات رئيسية هي: التخطيط
والمراقبة والتقييم.
وتضم كل فئة من هذه الفئات عدداً من المهارات الفرعية يمكن
تلخيصها فيما يأتي:
1 التخطيط :
أـ تحديد الهدف أو الإحساس بوجود مشكلة
وتحديد طبيعتها.
ب ـ اختيار إستراتيجية التنفيذ والمهارات.
ج ـ ترتيب تسلسل
العمليات أو الخطوات.
د ـ تحديد العقبات والأخطاء المحتملة.
هـ ـ تحديد
أساليب مواجهة الصعوبات والأخطاء.
و ـ التنبؤ بالنتائج المرغوبة أو المتوقعة.
2 ـ المراقبة والتحكم :
أ ـ الإبقاء على الهدف في بؤرة الاهتمام.
ب ـ
الحفاظ على تسلسل العمليات أو الخطوات.
ج ـ معرفة متى يجب الانتقال إلى العملية
التالية.
د ـ اختيار العملية الملائمة التي تتبع في السياق.
هـ ـ اكتشاف
العقبات والأخطاء.
و ـ معرفة كيفية التغلب على العقبات والتخلص من الأخطاء.
3 ـ التقييم :
أ ـ تقييم مدى تحقق الهدف.
ب ـ الحكم على دقة النتائج
وكفايتها.
ج ـ تقييم مدى ملائمة الأساليب التي استخدمت.
د ـ تقييم كيفية
تناول العقبات والأخطاء.
هـ ـ تقييم فاعلية الخطة وتنفيذها
ويشمل الإدراك فوق المعرفي قدرة الطالب على الإجابة على الأسئلة التالية حول موضوع معين يريد أن يتعلمه :
1. ماذا اعرف عن الموضوع ؟
2. ماذا يجب أن اعرف عن الموضوع ؟
3. كيف استطيع الحصول على بعض المعلومات المتعلقة بالموضوع؟
4. كم من الوقت احتاج لأتعلم هذا الموضوع؟
5. ما هي الاستراتيجيات التي يمكن أن استخدامها لمعرفة ماذا أريد أن أتعلم عن الموضوع ؟
6. هل افهم ما أقراء عن الموضوع ؟
7. تحديد الوقت الملائم لتعلم الموضوع؟
8. هل استطيع تحديد مواقع الخطأ أثناء تعلمي للموضوع؟
9. كيف استطيع أن اعدل خطتي أثناء عملية تعلمي للموضوع؟
وبناء على ذلك يأتي دور المعلم في استخدام بعض الاستراتيجيات لمساعدة الطلبة في تعلم مهارات الإدراك فوق المعرفي ومن هذه الاستراتيجيات :
1. مساعدة الطلبة على عمليات التفكير والتعلم .
2. تعليم الطلبة استراتيجيات الدراسة .
3. استخدام الطلبة للمعلومات التي لديهم في التعلم مستقبلا .
4. مساعدة الطلبة على بناء هيكل معرفية بناء على معلوماتهم السابقة
5. تطوير قدرة الطلبة على طرح الأسئلة عما يدور حولهم بناء على الهيكل المعرفية التي طورت لديهم .
6. مساعدة الطلبة على توظيف المعرفة التي اكتسبوها في موقف حياتية مختلفة .
د. ادوارد عبيد
مدير مركز التدريب في الأمانة العامة للمؤسسات التربوية المسيحية
نشر في جريدة الراي بتاريخ 19/4/2008
9) معايير تدريس العلوم
في عالم غني بالإنتاج العلمي، أصبحت الثقافة العلمية ضرورية لكل فرد،حيث أن الفرد يحتاج ويستخدم المعلومات العلمية يوميا، ويناقش القضايا الهامة التي تضمن العلم والتكنولوجيا، والثقافة العلمية أصبحت ركنا هاما من أركان عالم اليوم، حيث أن الكثير من الأعمال تتطلب مهارات متقدمة مثل التفكير الإبداعي واتخاذ القرارات وحل المشكلات . إن فهم العلم والعمليات العلمية تساهم بشكل أساسي في تنمية مثل هذه المهارات .
والمعايير التي وضعت لتدريس العلوم، والتي بدأ تحديدها عام 1989في الولايات المتحدة الامريكية ، وهو نفس العام الذي ظهرت فيه أول تلك المعايير أثناء مناقشة معلمو الرياضيات حول وضع معايير لتقييم مناهج الرياضيات، واستمرت المناقشات كثيرا حتى ظهرت تلك المعايير بشكلها الحالي ومعايير تدريس العلوم قامت على عدة مبادئ هي :
· العلم لجميع الطلبة .
· العلم عملية نشطة .
· يمارس العلم كما يمارسه العلماء .
· تدريس العلوم جزء من عملية إصلاح التعليم .
وتقدم تلك المعايير رؤية عامة حول الثقافة العلمية،وتقدم الخطوط العريضة للطلبة حول ماذا يجب أن يعرفوا وان يفهموا ليكونوا قادرين على فهم الثقافة العلمية في كافة المستويات، وتزودهم بمستويات عالية من الأداء، وتساعد المعلمين أيضا في اتخاذ القرارات الأساسية لجعل التعليم فعالا، وبالتالي تجعل هذه المعايير الطلبة والمعلمين يركزون على تعليم العلوم لمواجهة المستقبل وتحدياته .
وهذه المعايير يمكن أن توصف بجملة واحدة " المعايير لجميع الطلبة " وهذه العبارة تجسد البراعة حيث أن تدريس العلوم هو لجميع الطلبة بغض النظر عن العمر والجنس والخلفية الثقافية أو العرقية، وان الطلبة سوف يحققون هذا التعلم بعدة طرق . وبالتأكيد فان هذه المعايير تعطي الفرصة للطلبة بأن يتعلموا العلم، ولكن لا يمكن أن يصلوا إلى تحقيق الانجازات والمستويات العالية بدون المعلم الماهر والمؤهل .
وتطبيق هذه المعايير يتطلب تغييرات رئيسية في طرق تدريس العلوم، وتركز على أن العلم عملية نشطة، ويعني ذلك أن الطالب هو الذي يعمل ولا شيء يعمل للطالب . وان على الطلبة أن يتعلموا مهارات الملاحظة والاستنتاج والتجريب، عندها يمكن للطلبة وصف الأهداف وطرح الأسئلة، وبالتالي بناء الفرضيات واستخدام التفكير الناقد والمنطقي .وبهذه الطريقة يتمكن الطلبة من تطوير قدرتهم على فهم العلوم عن طريق جمع المعرفة العلمية بالتفكير .
وقد طور هذه المعايير مئات من الأفراد تعاونوا معا مثل المعلمون، الطلبة، مدراء المدارس، مصممو المناهج، العلماء، المهندسون . واستمرار الحوار بين هذه المجموعات حتى تم وضع تلك المعايير في مكان لتلبي حاجات الطلبة والمعلمين . وهذه المعايير عملية دينامية أي تراجع وتنقح باستمرار . وهذه المعايير صممت نحو إيجاد مجتمع مثقف علميا، حيث أن فهم العلوم سوف يزيد من إنتاجية الطلبة مستقبلا أثناء العمل، ويتطلب مجتمع العمل القدرة على التعلم والتفكير المبدع والقدرة على اتخاذ القرارات وحل المشكلات .
وتعبير المعايير يحمل عدة معاني منها الحكم على النوعية، نوعية ماذا يجب أن يعرف الطلبة؟ وماذا يجب أن يعمل الطلبة؟، وأيضا الحكم على البرامج العلمية التي تتيح الفرصة للطلبة لتعلم العلوم، والحكم على نوعية تدريس العلوم، والحكم على نوعية البرامج التي تدعم معلمي العلوم، والحكم على تقويم الخبرات والسياسات العلمية، وأخيرا الحكم على الرؤية العلمية التي تقدم ضمن البرامج التعليمية .
ومن ضمن معايير تدريس العلوم ، حددت تلك المعايير الأهداف التي يجب على المدرسة تحقيقها أثناء تدريس العلوم وهي :
· استخدام المبادئ والعمليات العلمية في عملية اتخاذ القرارات الشخصية .
· الاهتمام بالمناقشات الذكية التي تدور حول العلم والتكنولوجيا .
· زيادة الإنتاجية الاقتصادية من خلال استخدام الفهم والمعرفة والمهارات العلمية في عمل الفرد مستقبلا .
· اغناء الخبرة والمعرفة حول العالم الطبيعي .
وتقوم معايير تدريس العلوم على خمسة افتراضات هي :
1 . تصف المعايير النظرة إلى تدريس العلوم بأنها تتطلب تغيرا من داخل النظام التعليمي .
2 . عملية تدريس الطلبة تعني كيف يتعلم الطلبة .
3 . عمل المعلمين يؤثر بشكل عميق في إدراكهم الحسي لموضوع العلوم كمادة تدرس ز
4 . فهم الطلبة يعني البناء النشط من خلال العمليات الفردية والمجتمعية معا .
5 . عمل المعلمون يجب أن يتضمن بعمق الفهم وأيضا العلاقات بين الطلبة .
وتحدد المعايير دور المعلم أثناء تدريس العلوم حيث يتطلب من المعلم ما يلي :
· تطوير شبكة من الأهداف السنوية والفصلية للطلبة .
· اختيار المحتوى العلمي وتطويره ليلبي معرفة وفهم وقدرات وخبرات الطلبة .
· اختيار استراتيجيات التدريس والتقويم التي تدعم تطوير فهم الطلبة .
· التكامل في العمل ما بين المعلم والطالب ( التعامل كزملاء ) خلال كافة المراحل الدراسية .
ويعتبر معلم العلوم من خلال تلك المعايير الموجه والميسر لعملية التعلم، ومن اجل ذلك فان على المعلم أن :
· يركز على الاستقصاء أثناء العمل مع الطلبة .
· ينسق عمليات المحادثة بسن الطلبة حول المادة العلمية .
· تحدي الطلبة في المشاركة في تحمل المسؤولية أثناء تعلمهم .
· المعرفة والاستجابة الشاملة للطلبة وتشجيعهم على المشاركة بقوة أثناء تدريس العلوم .
· تشجيع المهارات العلمية وتقبل الأفكار الجديدة والمعلومات الجديدة حول خصائص العلوم .
أما في مجال التقييم فان دور المعلمين حسب ما تحدده المعايير يتمثل بما يلي :
· جمع البيانات المختلفة حول فهم وقدرات الطالبة بعدة طرق .
· تحليل البيانات لتوجيه التعليم .
· توجيه الطلبة نحو لتقييم الذاتي .
· استخدام البيانات وملاحظات التدريس والتفاعل بين الطلبة لتنعكس على تحسين عملية التدريس .
· تقديم التقارير حول ما تم تحقيقه أثناء عملية التدريس .
د . ادوارد عبيد
مدير مركز تدريب المعلمين
في الأمانة العامة للمؤسسات التربوية المسيحية في الأردن
نشر في جريدة الرأي عدد رقم 13753 تاريخ 2/6/2008
10) فن إدارة الصفوف الدراسية
تشير الدراسات أن خريجي معاهد التعليم يشعرون بعدم كفايتهم في إدارة الصفوف الدراسية، بالرغم من ما يقدم لهم أثناء إعدادهم من خبرات وتجارب في مجال الإدارة الصفية . وعدم القدرة على الإدارة الصفية تعتبر مشكلة مزمنة يعاني منها المعلمون حديثي التخرج، ولا توجد وصفة سحرية تقدم للمعلمين في هذا المجال ما لم تتوفر لديهم الرغبة في اكتساب مهارة الإدارة الصفية .
ويتم اكتساب مهارة إدارة الصفوف والتعامل مع سلوكيات الطلبة من خلال توفر الحد الأدنى من الخبرة التدريسية. ومن المؤكد أن التدريس الفعال يتطلب مهارة كبيرة في إدارة المهام الموكولة للمعلم من خلال معالجته لكثير من الحالات لتي تحدث يوميا في الصفوف الدراسية، ومن أهم هذه المهارات التي يكتسبها المعلم هي إتقان التدريس، وهذه المهارة تحتاج نوعا ما إلى الشجاعة في تقديم الدروس ضمن استراتيجيات محددة سلفا لدى المعلم . لذلك فان مهارة إدارة الصفوف يكتسبها المعلم من خلال الممارسة والتغذية الراجعة والاستعداد للتعلم من الأخطاء، وهذا القول من الناحية النظرية يعتبر سهلا، لكن الصعوبة تكمن في عملية التطبيق وهنا جوهر المشكلة حيث لا توجد طريقة مثلى وموحدة لإدارة الصفوف .
المشكلة لتي يعاني منها المعلمون هي كيفية إدارة الصف، وأثبتت البحوث والتجارب الشخصية أنه لا توجد طريقة واحدة أو حل فعال يقدم للمعلمين الذين يعانون من هذه المشكلة، لكن هنالك بعض المبادئ يمكن أن يستند إليها المعلمون في معالجة مثل هذه المشكلة، وبالتالي فان هذه المبادئ والخبرات يمكن أن تحدد ما هو مناسب أو غير مناسب لمواجهة مثل هذه المشكلة، وهذا من شانه أن يعزز التعلم .
ومن هذه المبادئ :
· أن يعرف المعلم ما يريد وما لا يريد .
· أن يخبر طلبته بما يريد .
· عندما يحصل المعلم على ما يريد يجب أن يخبر طلبته بذلك .
· عندما تحصل أمور لا يريدها المعلم عليه التصرف بسرعة وبشكل مناسب .
ومن المفيد أيضا في عملية إدارة الصفوف التركيز على ترتيب غرفة الصف وسلوك المعلم فيها وهذا يساعد في إدارة جيدة للصفوف ولكن لا تعتبر ضمانا سلوك الطلبة الجيد داخل غرفة الصف، وفي المقابل فان سوء تخطيط غرفة الصف تهيئ الظروف المناسبة لحدوث المشكلات الصفية، ومن أهم الامور التي يجب على المعلم مراعاتها في هذا الجانب :
· أن يكون المعلم قادرا على مراقبة الطلبة في جميع الأوقات وان يكون قادرا على رصد تصرفاتهم من خلال ترتيب المقاعد في غرفة الصف .
· أن يكون الطالب قادرا على رؤية المعلم ورؤية ما يقدم له أثناء عرض المادة الدراسية .
· أن تكون غرفة الصف حيوية من ناحية الإضاءة وترتيب محتوياتها واللوحات أو الرسومات على جدران الغرفة مما يضفي عليها نوعا من الديكورات الجاذبة أثناء عرض المادة الدراسية .
وفي المقابل على المعلم أن يتوقع من الطلبة سلوكات ايجابية وأخرى سلبية، وان يكون قادرا على التواصل والتعامل مع تلك السلوكات من خلال التركيز على القواعد العامة التي تركز على السلوك المناسب، وهذه القواعد يجب أن تكون واضحة للطلبة في غرفة الصف، ويشترط في هذه القواعد الأساسية التي تركز على السلوكات الايجابية أو السلبية أن يكون المعلم قادرا على تنفيذها، ويمكن هنا الاستعانة بالأنظمة المدرسية في تنفيذ مثل هذه القواعد . ومن هذه القواعد على سبيل المثال كيفية دخول وخروج الطلبة من غرفة الصف،كيفية استخدام الطالب لأدواته الدراسية المختلفة، سلوك الطالب مع المعلم أثناء الإجابة على أسئلة المعلم أو من خلال طرح الأسئلة على المعلم، كيفية استخدام مرافق المدرسة العلمية والرياضية وغيرها من المرافق .
والمعلم من خلال عملية التدريس التي يمارسها لتكون فعالة عليه :
· عدم استخدام العبارات الغامضة والمبهمة
· أن تكون عملية تقديم الدرس واضحة ومتسلسلة .
· أن تكون هنالك وقفات أثناء الشرح لطرح الأسئلة من قبل المعلم أو الطالب .
ومع ذلك يمكن أن تحدث في غرفة الصف بعض السلوكات غير المناسبة، وعلى المعلم التعامل معها من خلال تركيز المعلم على لانجاز الأكاديمي لان التحدي المستمر لدى المعلم هو النجاح الفردي للطالب . ومعظم السلوكات غير المناسبة للطلبة هدفها ليس تخريبيا كما يعتقد بعض المعلمين، ويمكن معالجتها بإجراءات بسيطة دون تصعيد من قبل المعلم . ويمكن للمعلم في أحيان كثيرة أن برصد السلوك غير المناسب في وقت مبكر قبل وقوعه، وان حدث السلوك غير المناسب يمكن للمعلم أن يوقفه من دون أن يؤثر على النشاط التعلمي في غرفة الصف من خلال :
· التحرك داخل غرفة الصف بالقرب من الطلبة مما يجعل التواصل من خلال العين أو بعض الإشارات الشفوية لوقف السلوك ( هنا اهمية ترتيب غرفة الصف ) .
· المناداة على الطالب باسمه وإعطاءه تعليمات قصيرة لوقف السلوك ( اهمية وضوح القواعد المدرسية ) .
· توجيه الطالب إلى السلوك المناسب من خلال الإجراءات والقواعد التي يضعها المعلم ( قدرة المعلم على تطبيق القواعد ) .
ومن الملاحظ أيضا أن كثرة العقوبات داخل غرفة الصف يرتبط غالبا بسوء إدارة الصف، لذلك على المعلم أن يتجنب كثرة العقوبات، وفي حال استخدامها أن تكون عقوبات خفيفة وليست صارمة . وبذلك يمكن أن تكون تلك العقوبات فعالة .
أن ما يهم الطلبة داخل غرفة الصف هو نتائجهم الايجابية وبالتالي يتولد لديهم الارتياح الناجم عن لنجاح والحصول على درجات جيدة ، ويمكن للمعلم أن يبادر في خلق جو الارتياح في غرفة الصف من خلال الممارسات التالية :
· تقديم التعزيز بشكل عرضي للطلبة على السلوك المناسب .
· أن يحدد المعلم الجوانب التي تستحق التعزيز مثل سلوك الطالب أو انجازه العلمي .
· أن يظهر المعلم في تعزيزه جانب المصداقية .
· أن يوفر المعلم للطلب معلومات حول قيمة الانجازات التي حققها .
· أن يوفر للطالب توقعات بالنجاح مستقبلا لان من سمات الطالب القدرة على النجاح وبذل مزيد من الجهد .
· أن يساعد الطلبة على تقدير انجازاتهم مقابل الجهد الذي بذلوه .
د . ادوارد عبيد
مدير مركز تدريب المعلمين
في الأمانة العام للمؤسسات التربوية المسيحية
نشر في جريدة الراي عدد رقم 13731 تاريخ 11/5/2008