نماذج من شعر سليمان المشيني
في عشق الوطن
العصماء في تحيّة الأردن
أوقف الرّكب... وسلّم وانثرِ
في حِمى الأردن... عقد الجوهرِ
والثم الساح التي قد خضّبت
بدم الأبطال عبر الأعصر
واخفض الهامة إجلالاً له
ولماضيه العريق العطِرِ
فالحضارات ارتدت من برده
وبه التاريخ زاهي الصورِ
كل شبر فيه يروي قصة
عن بطولات وفتح أكبر
وابدأ التطواف في أرباضه
مَنْ حَوَتْ أبهى ربيع مزهرِ
فهواها مثقل بالعنبر
ومياه عذبة كالكوثر
قد تناهى الحسن في أرجائها
فتراءتْ كالصباح المسفر
بورك الأردن ترباً وسما
وَلْيَعِشْ رغم صروف العُصُرِ
يا حبيبي هذه أمسية
تتجلّى من أماسي العُمر
فارسل اللحن رقيقاً ناعما
يتحاكى ورنين الوتر
وأدِرها بوعاء مرمري
قد توشّى ببهيِّ الدّرر
وأعِدْ للذهن عهداً سالفاً
كان ملء السمع ملء البصر
وتَغَنَّ باسم ماض شامخ
في ظلال الأمسِ حلو الذكر
حين كان العمر في إبّانه
يتباهى بالأماني الخضر
ها هنا يستحضر الفكر رؤى
أعذب الذكرى لعهد نضِرِ
ها هنا منبع وحْيي مُلهمي
ها هنا من أفتدي بالبصر
ها هنا جدي وأمي وَأَبِي
هنا مَنْ أحببتُ منذ الصّغر
قسماً بالحق بالعلياء..
بالوطن الغالي بربّ البشر
قسماً بالحب والأحباب..
والحسن والحسنا وعيني جُؤْذُر
عن فدى أردننا لا أنثني
قاذفاً بالمعتدي في سقَرِ
فهو يدري عن مضائي أنني
حينما ألْقاهُ فتّاكٌ جري
ويسمعني هاتف يحفزني
لغدٍ منتصرٍ منتظر
لغد فيه نرى أردننا
رافعاً راي العلى والظفر
إن تمنى البعض قصراً وارفاً
أو مقاماً فيه قد يُمسي ثري
فأنا أمنيتي يا إخوتي
بالدّما عزّة شعبي أشتري
وحدة العرب بقلبي أبداً
فيها تحقيق أسمى وطر
يا بني أردنّنا الصّيد لكم
في جبين المجد أعلى منبر
أسطر التاريخ قد أغنيتُمُ
بتفانٍ وبجهدٍ خيِّر
إن تسل في العرب عن مأثرة
فهي في الأردن لم تندثر
أو مروءات ونبل ووفا
لم يزل منها جليّ الأثر
وإذا ما الضّاد لاقى خطراً
كنتم الدرع لدرء الخطر
يا بني الأردن قد أثقلتُمُ
كاهل الجلّى بما لم تقدِرِ
* * *
عنفوان
من قال هذا الطود يركع
وحماه للأبطال مصنع
من قال أردن الرجولة والحمية
سوف يخضع
من قال يحني هامَهُ
وثراه للعلياء منبع
ما هاب في ساح الوغى
خصما ورايَ الحق يرفع
من قال آساد الكرامة
من عواء الذئب تفزع
ان الذي يؤذي عرين المجد
بالنيران يصرع
وندك صرح بنائه
بلظى صواريخ ومدفع
فالصيد، بالدم، بالضحايا
عزة الأردن تبدع
ان اغلقوا الأجواء في وجه
الاشاوس كي تُجوَّع
فليعلموا أن العُلى اغلى
من الدنيا واروع
ليت الذي غلق الحدود
بساطع البرهان يقنع
ليت الذي أجرى المزايدة
الرخيصة قد تطلع
لصمودنا لصمود شعب
في الشدائد لا يروع
لا شك يدرك أنه في ذلك
الاجراء تسرع
فالأردن الحر المجاهد
من عُقاب الجو امنع
اردننا حزم وايمان
وعزم ليس يدفع
سيف صقيل في الحوادث
حدة الفولاذ يقطع
طود أشم في المعامع
لا يلين ولا يزعزع
إيمانه إيمان صدق
جبهة البهتان يصفع
إقدامه إقدام حر
صفحة العلياء يصنع
وطني مضاء من حديد
لا يهاب ولا يروع
من يؤذي هذا الحوض
بالقصف المُركّز سوف يردع
خسىء الذي ظن الأباة
الصيد للجبناء تخشع
قل للذي قد ظن هذا
بمعقل القمرين تطمع
إنَّا لنرضى أن نموت
ولا نذلّ لأي مطمع
أردننا صفحاته
بيض من الجوزاء أنصع
أردننا بأس عظيم
لا يفل ولا يصدع
سيظل خفاق اللواء
جبينه كالشمس تسطع
* * *
نفحات من الأردن
أردن يا أرض الميامين الأولى
شادوا على هام النجوم مقامه
يا منبت المجد التليد وملعب
التاريخ إذ ترعى يداك فطامه
يا موطناً ضمَّ الجمال
يا وحي عذب الشعر يا إلهامه
من أجله أرواحنا ودماؤنا
حتى نحقق للحمى أحلامه
من كان يطمع في استباحة حوضه
يلقى على أيدي الرجال حمامه
أرض الحقيقة شمسها وسماؤها
لم يقبل التزييف أو أوهامه
قد كان في دعم التضامن رائدا
والحق قد حيا له إسهامه
أردن يا مهد الأشاوس أنت من
شاد العلى رغم العدى وأقامه
وإذا سما الضاد العريق لمطلب
في ذروة العليا كنت إمامه
ستظل حرًّا مستقلاً سيِّداً
وذراك تقحم في السماء غمامه
وطن إذا عصف الزمان فإنه
لم يخشَ سطوته وسلّ حسامه
يطوي على الألم العنيف جناحه
لم يخش تصويب القضا سهامه
لكنه كالطود يبقى شامخا
علم الصدام أبا الصمود همامه
* * *
أردن الإباء
يا أردن الإباء ومشرق السناء وقلعة الوفاء يا قبلة النظرْ
يا كعبة الخلود وروعة الصمود ومصنع الأسود يا موطناً أغَرّ
أردنّنا فريدُ تاريخه مجيدُ من أجله نَبيدُ ونقهر العدوانْ
قلوبُنا تهواه أرواحنا ترعاه دماؤنا فداه نأبى بأنْ يُهان
فردوسنا مَهيبُ ترابُهُ خَضيبُ صمودُهُ عجيبُ أغنيةُ العصورْ
جهادهُ عنيف ودربه شريف وفكره حصيف وحوضه طهورْ
يا مضربَ الأمثال بالسحر والجمال يا موطناً مثالي يمور بالجمالْ
يشيّد المعالي بالعزم والنضال يسعى إلى الكمال يُذلّل المُحالْ
* * *
البتراء الخالدة
ثانية عجائب الدنيا السبع
لبترا صاغَ ثغر الخلد لحنا
تفرَّد فيه موسيقى ووزنا
لثاني عجائب الدنيا لصرح
سبى الألباب إعجازاً وفنَّا
فبتراء العظيمة منذ كانت
عليها مبدع التاريخ أثنى
أشادت باسمِها بكر القوافي
بشعر قد سما برفيع معنى
فما كرسومها في الأرض رسم
ولا كبنائها في الكون مبنى
وهندسة عن الأوصاف جلَّت
وآثار نهى الدنيا خلبنا
مرابع عزة قعساء يبدو
بها الماضي كنور البدر لونا
فأنَّى تمض.. نفح المجد طيب
وأسطر سؤدد سام كتبنا
ترى من شيّد البترا قديماً
أمن بشر هم أم كانوا جنّا
هم العرب الأرادنة النشامى
إذا شاءوا يصير الصعب هينا
بني الأنباط خواضي المنايا
لعزمكم جبين المجد يحنى
فما شدتم يُحدِّث عن مضاء
وبأس سحقه الأخطار سنا
إذا ما طفت أربعهم تبدت
رجال كالبدور إذا طلعنا
تظللهم رماحٌ مشرعات
كبرق حين يلمع في الدُّجنَّا
فملء العين والآفاق خيل
يغطي زحفها سهلاً وحَزنا
علاها فتية غر شداد
وصيد لم تقم للموت وزنا
دماؤهم لصنع الفخر رهن
فما عرفوا بساح الحرب وهنا
سلام يا رُبى البترا شذيٌّ
سلامٌ ما شدا طيرٌ وغنَّى
على الدير العظيم على تراث
سيبقى خالداً حفظاً وصونا
على السيق الذي يروي حكايا
عقول أعاظم العلما سلبنا
وهذي الخزنة الكبرى كتاب
يحدث كيف آي الدهر شدنا
صليل سيوفنا قد كان يحكي
صهيل الصافنات إذا وثبنا
وكان هتافنا.. رعدا يدوي
فدى بترائنا نحيا ونفنى
بني الأنباط يا أسد البوادي
أباة الضيم أجداد المثنى
صنعتم أي معجزة بعلم
أحال المهمة الصحراء حصنا
بعهد الحارث المقدام سدتم
وعشتم سادةً عزا ويمنا
ليبني سؤدداً للضاد يبقى
تحدّى الموت قلباً مطمئنّا
وكان النصر طوع يديه دوما
وشرع العدل والإنصاف سنّا
بني الأنباط ما أعطوا وأعلوا
على تاجٍ إلينا أضحى لُجينا
فمَن مِن قبلكم شاد المعالي
ومَن سوى ثرى الصحراء جَنَّا
يظلُّ الحارث الفذّ السجايا
ومَن بالسيف حقّق ما تمنّى
ربوعك أردن الأمجاد ملأى
بآثار تحدث كيف كُنَّا
لقد كنا ومازلنا أباة
ندمر كل عادٍ يدنو منا
فما لانت بمعركة قنانا
فسل عنّا الكرامة تُنبي عنّا
فيا أردن يا طود المعالي
لك الروح الفِداء فقرِّ عينا
ستبقى للحضارة خير ركن
وتحيا للمعارف خير بنَّا
* * *
وقافيةٍ فذّةٍ حرّةٍ... من الشعر
ما صُغْتُ أمثالَها
شَرودٍ تَلمّعُ في الخافِقَيْنِ
إذا ذُكِرَتْ..قيلَ مَنْ قالها
بأغلى اللآلىءَ زيّنْتُها
إلى ربّةِ الحُسْنِ تُهْدَى لها
فقدْ تُوِّجَتْ بالجمال الذي
يَشعُّ الحياةَ وَسَيّالَها
لها طَلْعَةٌ كانبثاقِ الصّباحِ
يُزيلُ عن الرّوحِ أثقالَها
وَعَيْناها عَيْنا رشا فاتنٍ
وأُمُّ البها طَرّزَتْ شالَها
إذا بَسَمَتْ هَلَّ وجهُ الرّبيعِ
وأَنْشَدَتِ الطّيْرُ مَوّالَها
وَإِنْ لامَسَتْ صخرَةً كُهْرِبَتْ
وَأَجْرَتْ من الصخرِ سَلْسَالَها
فَمِلْكُ يديها الرّواء الذي
يعيشُ يُقَبِّلُ أظْلالَها
عَشِقْتُ صَباها وأجواءَها
كَذاكَ ضُحاها وآصالَها
وأروعُ شعري غنّيتُها
وأبذُلُ روحيَ «كُرْمالَها»
تُرَى هَلْ عرفتُم فيمَنْ أَهيمُ
ومَنْ تعشقُ الرّوحُ صُنْواً لَها
هي السّلطُ دار الخلودِ المقيمِ
وحقُّ الوفا يَقْضي إجلالَها
فَما أَنْجَبَتْ غير شُمِّ الأُنوفِ
كما تُنْجِب الأسْدُ أشْبالَها
إذا ما المعالي دَعَتْ ولْدَها
تنادَوْا يُلَبّونَ تَسْآلَهَا
ووحدَةُ أمّتِنا همُّها
لِتَحْيا وتُصْلِح أحْوالَها
تَسامَتْ بأمْسٍ شَذيّ السّنا
وكان النّدى أبَداً خالَها
وتبقى من الأرْدُنِ المُفْتَدَى
مَعينَ الحياةِ وشَلالَهَا
وطابَتْ ثَرَىً بالليوثِ الأُلى
دِماهُم تُعَطّر صَلْصَالَها
فماذا أقولُ بها مِنْ ثَنا
ويستبِقُ الفعلُ أقوالَها
عليها من الخُلْدِ تعويذَة
ألَحّ الزّمانُ فما زالَها
وعطّرَها العِلْمُ في عِطْرِهِ
وحَلّى يديْها وأحْجالَها
فدارُ المعارِفِ كانت بها
ولا يُنْكِرُ العلمُ أفْضالَها
وقلْعتُها عنْ بطولاتِها
تُحَدّثُ بالفخر أجْيالَها
وكيف الحُماةُ استماتوا فِدىً
فقد خلّدَ الدّهْرُ أبْطالَها
وواديها للفنّ فردوسُهُ
وللنفسِ يبعثُ آمالَها
وللشعر يوحي القوافي التي
تجيء تجرجرُ أذيالَها
وقد حَمَلَت طيّ أحشائها
نديّ المعاني وإخْضالَها
فيا سلطُ عفوَكِ ماذا أقولُ
بِمَنْ طرّزَ المجدُ سِرْبالَها
وقد أصبحَتْ موئلاً للعلاءِ
على النجمِ تسحبُ أذيالَها
ولو لم تكوني أعزَّ حمى
لَزُلْزِلَت الأرضُ زِلْزالَها
* * *
عمان عاصمتنا الخالدة
عمانُ يا عَروسَنا الأَصيلَهْ
يا بَسْمةً على فَم الطُفولَهْ
يا دارةَ الرُواءِ منذُ كانتْ
وَقمةَ الجَمالِ والفَضيلَهْ
الكِبْرُ والشُموخُ في رُباهاْ
والمجدُ يَمْشي ساحِباً ذُيولَهْ
والفنُ لما حُسْنُها تجلّى
أهْدى إليها طائعاً إِكْليلَهْ
كم شاعِر في سحرها تَغّنى
وثغْرها كم اشتهى تقبيلَهْ
في كل شِبر من ثراها تقرا
سطراً من الكفاحِ والرجولهْ
آثارها الغَراءُ تُنبي عنها
بأنَها لسؤْددٍ سَليلَهْ
تستقبل الأضيافَ بابتهاج
كما يلاقي ذو الندى نَزيلَهْ
لم يَدْنُ من حياضها عَدوٌ
إلاَّ وعادت جُنْدهُ ذليلَهْ
عمان يا حمىً يَضوعُ طيبا
لم نَلْقَ في كلِ الدُنى مَثيلَهْ
جبالُكِ الشّماءُ صُنوُ دِرْعٍ
يَقيك شرَّ الأعينِ الدخيلهْ
رياضكِ الغنّاء تشدو فيها
الطير نشوى من شذى الخميلهْ
صباحُك الذي يشْع نورا
تُحيي الورى انسامُه العليلهْ
خريفُك البَهيُّ نَبْعُ خيرٍ
يَفيضُ في ربوعك الظليلهْ
شتاؤكِ اللطيف فيه يحلو
الجلوسُ والكانون والقيلولَهْ
ربيعُك الفتانُ أي رَوْضٍ
يزدان في ازهارهِ الجميلَه
وصيفُك البديعُ فَصْلُ سِحْرٍ
كم يشتهي سُمّارنا حُلولَهْ
وماؤك الذي جرى نميرا
يستشعر الظِّماءُ سَلْسبيلَهْ
في ظلّك التاريخ عاش طفلا
يمشي خُطىً وئيدةً ثقيله
حضارة الانسان فِيكِ صيغت
مِنْكِ استقى الدروسَ والأمثولَهْ
عمان يا أُهزوجةَ النشامى
فريدةَ الأوزانِ والتَفْعيلَهْ
لا زِلْتِ صرحَ العِزّ والمعالي
ورايةً نَزْهو بها جَليلَهْ
* * *
جرش العربية الخالدة
لبس التاريخ من أثوابها
والحضارات سرَتْ من بابها
زيوس الأكبر حامي حوضها
أرْتميسُ النورِ من حُجّابها
ولواء العزّ رفراف السّنا
وأريج الخلد في محرابها
أرضها الغرّاء كانت أبداً
مضرِب الأمثال في إخصابها
وثراها طابَ عَرْفاً وشذىً
بدم الأبطال من أصحابها
والميامين الألى سادوا المدى
نسِبوا قِدَماً إلى أصلابها
والمروءات وعزمٌ وإبا
وسجايا النبل من أنسابها
هي والبدرُ رفيقا عمرٍ
والنجوم الزهر من أترابها
أيّ دنيا من جمالٍ وبها
أيّ حُسنٍ ضُمَّ في جلبابها
كانت الجنّة مأوى للشذى
وجموع الطير في أسرابها
كَسَت العالم أبراد الرواء
وازدهى البنيان من أخشابها
قبلة الأنظار كانت مثلما
كانت الصفوة من أربابها
سُنن الأمجاد سنّت شرعةً
والورى يمشي على أعقابها
والفروسية فيها نشأت
وبنوها الصّيد من أحبابها
ولها جيش عظيمٌ ظافرٌ
مَنْ تُرى يَقْوى على إغضابها؟
جرش العزّة والخلد معاً
كانت العلياء من خُطّابها
وإذا ما المُزنُ يوماً هطلت
فلها الحصّة من تَسْكابها
كانت الدنيا إذا ما غَضِبَتْ
بادرتْ تسعى إلى أعتابها
جرش الأردن مَنْ يشبهها
عَجِز العالم عن إنجابها
جرش السيدة الأولى التي
كان تاج الملك من ألقابها
بلغت في روعة الفن الذّرى
تفتِن الألباب في خلابها
هذه آثارها شاهدة
تروي عن عزّ وأمجادٍ بها
تِلْكُم أعمدة الساح تُرى
صُنْوَ حرّاس على أبوابها
بصمات الفنّ في عمرانها
مثلما الكحل على أهدابها
والقوافي كم تغنّت باسمها
وشَدَتْ فيه على شُبّابها
سائل الأزمان تُنْبيكَ بما
يبعث الإعجاب عن أحسابها
كلّ ما فيها سطورٌ عبّرت
عن عُلىً عاشته في أحقابها
جرش اليوم أفاقت لغدٍ
وانبرى أسدُ الشرى من غابها
يُرجعون الأمس خفّاق اللوا
والمنى تختال في أطيابها
* * *
بطاقة حب إلى فلاحنا الطيب
تخضوضر الروابي لما تراك تظهر حُيّيت يا فلاح
وتنبت الأماني في كفّك المطهّر وتشرع الأفراح
وترحل الدّياجي والأفق قد تعطّر في مشرق الصباح
محراثك القويّ فلاحنا الوفي في وقعه فريد
ما نغمة الموسيقى تنساب في روي تقبّل الورود
أشجى بمسمعي من حَرْثِكَ الشجي فلاحنا المجيد
سِرْ يا فتى الطليعة يا فارس الفرسان فالحرثُ كنزنا
واحمِ حمى الطبيعة في همّة الشّجعان كي يبقى عزّنا
واحفظ لنا شريعة تقول في بيان الأرض أمنا
* * *
في ذكرى شاعر الأردن الأكبر الخالد
الأمير الفارس المغفور له «نمر ابن عدوان» طيّب الله ثراه
يا غيثُ نَدِّ ثرى نمرِ ابن عدوانِ
ما أشرقَ الفجرُ أو كرَّ الجديدانِ
نِمْرٌ أميرُ قوافي الشعرِ في بلدي
وفي العراقِ وسوريّا ولبنانِ
نمرُ الأجَلُّ به يزهو القريضُ كما
تزهو العرائس في درٍّ ومرجانِ
نمرُ ابنُ عدوانَ شيخ الشعر إنّ له
في قلب كل أريبٍ صَرْحَ إيوانِ
في سحر شعرك.. حرّكْتَ الجمادَ فما
أولاكَ حقاً بإكليلٍ بِعِقْيانِ
ما صُغْتَهُ من قصيدٍ رائعٍ جَزِلٍ
يكادُ ينطقُ عن أشعار حسّانِ
أنشدْتَ للوطنِ الغالي ملاحمَه
يا فارساً جاءَ من أصلابِ فرسانِ
ما كنتَ مُذْ كنتَ إلَّا شاعراً بطلاً
سامي المبادىء تهوى رِفْعةَ الشانِ
كرّسْتَ في شعركَ السامي الذُرى
مُثُلاًخلّدت في دُرّكَ المكنونِ أوطاني
حتّى غدا شِعرُكَ الفيّاض منتشراً
على فمِ الشّعبِ من شيبٍ وشُبّانِ
في شونةِ العزّ والأبطال منبتُهُ
أرضِ النّدى والوفا ديوانِ ضيفانِ
دارِ المكارمِ منشأها وديرتها
عون الدّخيل وغوث الحائرِ العاني
أخت الحضارة والعمران في زمن
أردنّنا عاش فيه عهدَ عرفانِ
أهفو إليها لعلّ العيش يهنأ لي
ما بين أهلي وأصحابي وإخواني
حسبي فخاراً وحسبي عزّةً بلدٌ
في كلّ شبرٍ به آثارُ قُربانِ
يا شاعراً ملْهَماً في الشعرِ مبتكراً
ما جاء فيه رواه القاصي والدّاني
إذا تغنّى بوضْحا في قصائده
أضحى الصّبا يتهادى مثْلَ نشْوانِ
والرّوضُ يعْبَقُ والأزهارُ راقصةٌ
والطّير نشْوى تغنّي فوق أفْنانِ
والقلبُ يخفقُ والأرواحُ هائمةٌ
والأفقُ رجْعُ صدى شعر والحانِ
مَنْ مثْلُ نمْرٍ إذا ما قال ملحمةً
خِلْتَ البوادي له تُصْغي بتحنانِ
مَنْ مثْلُهُ إنْ شدا في الفخرِ ملحمةً
خِلْتَ البوادي له تُصْغي بتحنانِ
يا أرْدُنَ السّؤددِ الموروثِ يا وطني
قُمْ سائلِ الدّهرَ عن أمجادِ عمّانِ
أليسَ فيكَ حضاراتُ الورى وُلِدَتْ
وشمسُ عِلْمكَ في الأقطارِ شمسانِ
أبناؤكَ البُسَلا قد شيّدوا قِدَماً
«بترا» العظيمةَ من صخْرٍ وصوّانِ
والصّيدُ جُنْدُكَ في اليرموكِ قد هزموا
جيشاً لُهاماً قويّ البأس روماني
هذا الحِمى قلعةٌ شمّاءُ شامخةٌ
بالصّعبِ تهزأ... قواها نار بركانِ
هذا الحمى راية عَلويّةٌ خَفَقَتْ
في كلّ معركةٍ والفوزُ فوزانِ
يا نمرُ يا شاعرَ الشّعرا وفارسهم
ويا أميراً على شعرٍ وتَبْيانِ
تكريمُكَ اليومَ تكريمُ الأُلى صدقوا
ما عاهدوا الله في صدْقٍ وإيمانِ
تكريمُكَ اليومَ إحْياءٌ لكوكبةٍ
ذكراها تبقى لأجيالٍ وأزْمانِ
عرائسَ الشعرِ حيِّ نجمَ أُرْدُنِنا
مَنْ ينتمي لخيار الناسِ «عَدواني»
تاريخه حافلٌ في كلّ مأثرةٍ
أما القريضُ ففيه السّحرُ سِحرانِ
أردنّ خَلِّدْ ومَجِّدْ شاعراً بطلاً
تهفو له الروح في سرٍّ وإعلانِ
سَلِ المعاركَ كم أبلى بساحتها
تُنْبيكَ عن بطلٍ في كلّ ميدانِ
والناسُ مُذْ خلقَ الرّحمنُ عالمنا
الناس مذْ كان هذا الكون صنفانِ
ذا يرى في سما العَليا سعادته
وذاكَ يُمعنُ في فسقٍ وبهتانِ
في ذمّة الله والتاريخ يا عَلَماً
له مكانتهُ في كلّ وجدانِ
ما مُتَّ يا نمرُ ذكراكم ممجّدةٌ
فالذّكرُ للمرءِ عمرٌ خالدٌ ثاني
ما مُتَّ يا نمرُ ذكراكم ممجّدةٌ
فالذّكرُ للمرءِ عمرٌ خالدٌ ثاني
* * *
جمال بلادي فريد
جمال بلادي جمالٌ فريدْ
وماضي بلادي عظيمٌ مجيدْ
فما مثلها في الدّنى موطنٌ
وحبّي لها.. يتعدّى الحدودْ
أفيق على صوت شادي الطيورْ
يغرّد في الروض أحلى نشيدْ
يبثّ به.. نبأ مفرحاً
بإعلان ميلاد يومٍ جديدْ
وتحمل للصدر أنساُمها
شذىً صادراً من حقول الورودْ
وأمواهها كوثرٌ ساحرٌ
يرويْ الظما منعشٌ للكبودْ
وأشجارها.. كصبايا حِسان
يَمسنَ بأبهى وأزهى بُرودْ
ويشجي المسامع فوق الربى
أغاني الرعاة تهزّ النجودْ
وتبدو بفصل الربيع البديعْ
كأنَّ الطبيعة في يوم عيدْ
فأنّى مضيتَ ترى روعةً
وأنّى مشيتَ فآثار صِيْدْ
وحسبُ بلادي عُلَىً أنها
ثراها سَقتْهُ دماء الشهيدْ
ورغمَ طوافي الورى.. لم أرَ
مثيلاً لأردنّنا في الوجودْ
فداها فدىً لحماها الحبيبْ
أضحّي فخوراً بحبلِ الوريدْ
بلادي إذا شئتُ تشبيهَها
أشبّهها بجِنانِ الخلودْ
ألف مرحى للمرأة العربية
تتفرّد هذه القصيدة بأنها القصيدة اليتيمة في الشعر العربي التي تؤرّخ للمرأة العربية منذ أسماء بنت أبي بكر إلى اليوم.
ألف مرحى للمرأة العربية
هي بالمجد والخلود حَريهْ
يومها لاح كالربيع رواء
يتجلّى في حلّةٍ سندسيهْ
يومها حافلٌ كفاحاً وبذْلاً
يتبدّى مذ كانت البشريهْ
أَخْفِضوا الهامَ إنها خير رمزٍ
للتفاني والسّجايا الرّضيّهْ
مَنْ سواها عند الخطوب يضحّي
في سبيل العلاء والحريّهْ
أيّ شعرٍ وأيّ نثرٍ نضيدٍ
لا يفيها بعض الثّنا والتّحيّهْ
في خضمّ الحياة جنّة عدْنٍ
في الصحارى هي الورود النّديّهْ
تُلهمُ الفنّ في سموّ المعاني
هي صرح البناء والمدنيّهْ
من عيون المها وسِحرِ لماها
كان وحي الفنون والشّاعريهْ
خلف كلّ العظامِ تكمن أنثى
مَنْ سواها يفتق العبقريهْ
هي أمّ وزوجة وهي أختٌ
هي عشق الأرواح للأبديّهْ
كم بتاريخنا المجيد صِحافٌ
سطّرتها بالتّضحيات السّخيّهْ
عزّنا السّالف الرّفيع بَنَتْهُ
بالكفاح المرير والمشرفيّهْ
خلف سعد وخالد
خلف عمر فتاتنا المُضريهْ
كانت ملهب الرجال حماساً
أَوَ ننسى الخنساء في القادسيّهْ
هذه خولة تقصّ علينا
كيف قادت، وهي الفتاة، السّريّهْ
كم لها من مواقفَ خالداتٍ
مفعماتٍ بالبذْلِ والأريحيّهْ
صوت أسماء لا يزال يدوّي
حين قالت يا ما أحيلى المنيّهْ
مُتْ شهيداً من أجل حقّكَ يا ابني
إنما الموت في الحياة الرّزيّهْ
علّمتْ وُلْدها المروءةَ قدماً
لقّنتهم روح الإبا والحميّهْ
أن يسيروا إلى المنايا رجالاً
ليس يرضَوْنَ ذلّة أو دنيّهْ
غرست فيهم المكارم غرساً
علّمتهم مبادىء الوطنيّهْ
بنتُ بوحيرد الجزائر أعْلَتْ
راية العزّ فوق هام الثّريّهْ
ذاك أوراسُ شاهدٌ أزلي
عن إباء وعزة قوميّهْ
بنت بغداد بالمنون استهانت
وأطاحت بالهجمة الفارسيّهْ
كي يظل العراق حراً وتبقى
صرحَ جُلّى البوّابة الشرقيهْ
ألف مرحى للمرأة العربية
هي بالمجد والخلود حريّهْ
حيِّها اليوم في فلسطين ترسي
علمَ النصر بالدماء الزكيّهْ
كلّ يوم تَروي المعارك عنها
وقفة صدّعت قوى الهمجيهْ
لا تهاب العدو تُصْليه ناراً
تتحدى شامير والبربريهْ
لا تخاف الرّدى لأجل حماها
لا تبالي هوج الرياح العتيّهْ
عينها لاستعادة القدس يَقظى
ولِعودِ الحقوق ترنو صديّهْ
إنها اليوم بالبطولة تُحْيي
في ضمير الشّعوب روح القضيّهْ
تبذل الرّوح في انتفاضة شعبٍ
ليس ينسى ربوعه القدسيهْ
لها في عيدها الممجد نَهدي
عقد فخرٍ من اللآلي البهيهْ
ولها الكل ينحني باحترام
فَلْتَعِشْ حرّة وألف تحيّهْ
* * *
بطاقة حب إلى كل طفل يحتفل بعيد ميلاده
عيد ميلادك هزّ البرعم الوسنان فافتر
وأفاق الورد والنرجس والمنثور والزهرْ
وشدا الشحرور ألحانا بها الأرواح تسحر
وغصون اللوز من فرط الهيام الطل تنثر
وشعاع الأمل الدافىء ينساب ككوثر
والدّنى طيب وعطر والنسيم العذب عنبر
يا ملاكاً قد أتى للبيت كلّ البيت نوّر
هلل القلب للقيا وجهه الزاهي وكبّرْ
والشذى في كلّ ركن والربيع الغض والنشر
إنه أروع معنى للقاء النبل والطهر
أمل الأسرة والوطن إذ ينمو ويكبر
يسحر اللبّ بلفظ حينما ينساب كالدر
وقعه في السمع موسيقى تفوق الشّعر والنّثر
فله في النفس تمثال وفي المقلة منبر
حوله الحب ينابيع حنان تتقطّرْ
وهو أغلى من كنوز الذّهب الوهّاج والتّبر
يا ملاكاً في شغاف القلب قد حلّ وفي الصدرْ
أنتَ تفدى في عيون الأب والأم وأكثر
صانكَ الباري من الشر لتبني وتعمر
تعشق العلياء تصبو لرفيع الخلق والفكر
في حمى الأردن مَنْ بالرّوح والمهجة يمهر
قسما لولاك ما أضحى جبين العمر أخضر
* * *
إلى سيدة عظيمة
أقبلَ العيد فَنِعْمَ المقبلُ
وغدا كل الورى يحتفلُ
أنتِ يا حسنائي العيد الذي
بِسُموِّ النجمِ.. فكري يصِلُ
أنتِ عيدي والأماني والمنى
وقصيدي والهوى والغزلُ
أنتِ أمسي أنتِ يومي وغدي
والذي.. يأتي به المستقبلُ
أيّ روضٍ مُزهرٍ ثرّ النّدى
لا يضاهيكِ فأنتِ الأجملُ
بورك الثّغر السّماوي الذي
فيه ينثال الشّذى والعسلُ
أيّ فنّان تُرى من يدِهِ
صيغ ذيّاكَ الرّواء المذهلُ
أنتِ نيسانُ الذي من سحرهِ
يضحكُ الورد ويشدو البلبلُ
وإذا مسّتْ يداكِ صخرةً
كهْرَبَتْ وانساب منها سَلْسَلُ
والدّنى لولاكِ ليلٌ دامسٌ
فَسَناكِ في دُجاها مِشْعَلُ
وبصحراء حياتي واحةٌ
عند مرآها يُرَدُّ الأملُ
أنتِ دنيا من كمالٍ وبها
وجمالٍ رائعٍ لا يذبلُ
يقف الشعر عصيّاً لا يَفي
نهرَ حُسْنٍ قيل فيهِ المثَلُ
رغم ما مرّ بعصري من هوى
أنتِ يا حسناء حبّي الأوّلُ
أيُّنا يملكُ أمراً في الهوى
ذَلِكُمْ شرع السماء المُنْزَلُ
كان شعري ضائعاً مغترباً
فأعادَتْهُ العيونُ النُّجُلُ
سوف تبقينَ نشيداً خالداً
في فمي حين يحينُ الأجَلُ
وَلْيَكُنْ عمركِ عيداً أبداً
بصفاءٍ سرمديٍّ يَحْفَلُ
* * *
وطني يا أروع الأوطان
وطني يا أروع الأوطان يا رمز المعالي
منذ كان البدء أنت الوطن السامي المثالي
غابة العزة والمجد حمى خير الرجال
مَنْ تسامَوْا بتفانٍ ومضاءٍ وفِعالِ
فلقد كانوا نجوم الفتح أقمار النزالِ
سادةُ الجُلّى حماة الحقّ عُشّاق النضالِ
وطني الأردن يا دنيا رواء وجمالِ
أنتَ تحيا في كياني وجناني وخيالي
أبداً تزهو على العالم بالسّحر الحلالِ
وبنهر الأردن الخالد والماء الزّلالِ
ومروج التين والزيتون والدر اللآلي
ورياض الكرمة الخضرا وجنّات الغلالِ
وطني الأردن يا عالم حُسن وجلالِ
قسماً إني سأبقى الذخر في سود الليالي
أرخص الروح أضحي بدمي في كل غالي
في سبيل النهضة الكبرى ومن أجل الكمالِ
فلتعِشْ بالمجدِ وضّاءً مشعاً كالهلالِ
خافق الراي منيع الحوض كالجوزاء عالي
* * *
عيد الاستقلال المجيد أغلى الأعياد القومية
عيد استقلالك يا بلدي
أغلى الأعياد الوطنيهْ
فحياضك يا وطني الغالي
بدماء رجال مرويّهْ
وكفاحك مضرب أمثال
وصمودك اضحى أغنيهْ
تاريخك كبر وشموخ
وربوعك مهد المدنّيهْ
عيد استقلالك يا وطني
اهزوجة عز شعبيهْ
وطني قد باركه الباري
ورباه بالطيب شذيهْ
والمجد نما في أَرْبُعِهِ
والروعة فيه ازلّيهْ
ستظل التضحية الكبرى
من أجل علاه امنيهْ
ما كان الأردن العربي
الا إقداما وحميهْ
وقلوباً تهفو للعليّاء
ونفوساً للمجد ظميهْ
وعيوناً ترنو للاسمى
وسواعد للروع فتيّهْ
تجتاح الهَوْل بعزيمتها
تحمي بالروح الحريهْ
أردن سلمت لنا وطناً
تحميه جحافل مُضريهْ
تمضي للموت مزغردة
لتصون رحاب قدسيهْ
وتعيد لنا الماضي الزاهي
في همة أسد عربيهْ
بقيادة ملكي عبدِ اللهِ
الثاني فخر القوميهْ
* * *
هذه أرضي وهذا بلدي
هذه أرضي وهذا بلدي
لا بقاء فيهما للمعتدي
هذه أرضي التي خضّبها
بالدّم القاني حماة السؤدد
لا مكاناً لعدوٍّ غاصبٍ
في حمى المهد وساح المسجدِ
وطني حيث المعالي أينعتْ
وتسامتْ فوق هام الفرقدِ
يصرع الباطل في إيمانهِ
ومضاء باسلٍ متّقدِ
خاب ظنّ الخصم إنْ ظنّ على
أرضنا يحظى بعيْشٍ أرغَدِ
منبتُ الأبطالِ للغازي لظى
وجحيمٌ للأعادي أبدي
أتحدّى الهَوْلَ إنقاذاً لها
ليس يُثْنيني الرّدى عن مقصدي
وأفي بالعهد في تحريرها
من قيودٍ واحتلالٍ أسودِ
مرخصاً في الرّوع روحي ودمي
ذائداً عن حوضها كالأسدِ
بصمودي أُرْجِعُ الحقّ وفي
تضحياتي أبتني خيرَ غدِ
* * *
عَلَمي ما أبهاه
عَلَمي عَلَمي
ما أبهاه
يخفق قلبي
حين يراه
في روعته
أنا تيَّاه
عَلَم بلادي أنا أهواه
عزة شعبي
بمحّياه
فدم الشهدا
قد رَوّاهُ
لما يخفق
تزهو جباه
أبداً تشدو فيه شفاه
علمي سامِ
في مَعْنَاهُ
في ألوان
تحكي عُلاه
فلنا ماض
لا ننساه
ولنا مجد
شعَّ سناه
قُدُماً أمضى
تحت لواه
عَلَم الاردن
روحي فداه
حتى يبقى في علياه
بطل من بلدي
النسر الشهيد فراس العجلوني
فراس يا اسطورة البطولهْ
فراس يا ملحمة الرجولهْ
ضربت باستشهادك الامثولهْ
لتبتني كرامة اصيلهْ
عزيمة مشبوبة الشررْ
ارادة يعنو لها القَدْر
حميّة ينبوعها مُضَرْ
وهمة تسمو إلى القمر
فراس فيه ومضة من أمس
تجسّدت مع الحواس الخَمْس
تحدّرت له من عبد شمس
ومن سجايا عمر في القدس
الأرض لا تغريه ان يقيما
يهوى الفضاء الرحب والنجوما
يجود في دمائه كريما
يهفو ليرسي سؤدداً عظيما
النسر يهوى سامق الشهبْ
حياته لسؤدد وهبْ
يذلل المحال إنْ غَضِبْ
لا تنحني هامته لصعبْ
هوج الرياح شدة الانواءِ
يحيلها كالنسمة الرُّخاءِ
فلا يرى إلا ذرى العلياء
يسامر النجوم في السَّمَاء
فراس نسر ثابت الجنان
بالدم روى أربع الاوطان
ذكراه فلتبق مدى الزَّمَان
أنشودة على فم الشجعان
تحية مرحى لكل نسر
في عالم الجوزاء مستقر
يدفع للعلياء أغلى مهر
دماؤه ترسم أحلى فجر
ويقول:
أ-
أنا شاعر الأردن من غنّى له
أسمى ملاحمه على مزمارهِ
غنيت للأردن عذب قصائدي
زينتها بالسحر من أزهاره
وفخرت في صحرائه ورماله
وشدوت في أرْباضِهِ وقفاره
مجد العروبة صيغ في أردننا
\\
بمعارك اليرموك في ذي قاره
إن ذل ذل الضاد في أقطاره
وهوت معالم عزه وفخاره
سأظل أشدو باسمه المحبوب ما
فتنت زهور الروض في أيّارِهِ
ب -
يا أمتي أمة الابطال من قدم
من كل فذ إلى عدنان منتسب
أليس منك أُلى قادوا كتائبهم
في العالمين بعزم غير مضطربِ
ساسوا الشعوب بإحسان وَمَأثرة
والدهر أصبح مأخوذاً من العجبِ
أليس منك أباة الضيم من هزمت
قواهم كل محتل ومغتصبِ
اني أقول لمن يرتاب في كلمى
قُمْ سائل الخلد عن تاريخنا يجبِ
وما بالك اليوم في ضعف وفي وَهَنٍ
ملهيّة عن طلاب المجد بالنشبِ
الغرب يطرق باب النجم مقتحماً
ونحن نلهث خلف اللهو واللعب
فاستيقظي أمتي فالفجر صار ضُحَىً
آمالنا فيك رغم الجرح لم تخبِ
استيقظي وإلى الرحمن فاتجهي
من لاذ بالله لم يُهْزَمْ ويَنْغَلِبِ
لا تهملي العلم ان العلم سلمنا
للمجد للخلد للجُلّى بلا رِيَبِ
إلى متى ولنا في الاتحاد قوى
تزيد ايماننا بالنصر والغلبِ
من قال امتنا هانت أقول له
تحت الرماد براكينٌ من اللهبِ
* * *
وطني الأردنّ أعمّره
وطني الأردنّ أعمّره
وبِعزْمِ الليث أحرّرهُ
أفديهِ بروحي ودمائي
ومن الأعداء أطهّرُهُ
سأضحّي كي يبقى حرّاً
والغاصبُ سوف أدمّرُهُ
مَنْ مِثْلُ الأردن بلادي
ودم الأبطالِ يعطّرهُ
المجد نما في أرْبُعِهِ
والسّؤددُ كُتِبَتْ أسْطُرُهُ
تسبي الأرواحَ مفاتنه
وتُذيبُ القلبَ وتأسُرُهُ
أهواهُ هوىً يسري بدمي
وأحبُّ حماهُ وأوثِرُهُ
وشعاري أن يبقى وطني
حرّاً والقيدُ سنكسِرُهُ
أردنُّ وحقِّكَ يا بلداً
يحميهِ الله وينصرهُ
سيظلّ جبينكَ وضاحاً
وفضاكَ العزّةُ تعمُرهُ
نتصدّى للهول رجالاً
ونبيد الخصم ونقهرهُ
لتظلَّ مناراً أبدياً
للبأس تَدَفّقُ أنهرُهُ
ونعيد الحقّ لأمّتنا
وبأغلى مهرٍ نَمْهَرُهُ
* * *
ومن قصيدة بعنوان
الأردن يتحدث عن نفسه
أنا والمجد والتاريخ والعلياء والظفرُ
رفاق منذ كان البدء والإنسان والعُصُرُ
من سمائي شعَّ نور الحق يهدي البشريهْ
من ربوعي سار ركب الخير ركب المدنيهْ
نبت الفخر هنا والعزةُ
ونما المجد التليدْ
شاده خير الجدودْ
جعفر وابن الوَلِيدْ
ها هنا اليرموك هذي مؤتةُ
نهري الخالد نهر الانبياء
عاصر العالم طفلا
كان للدهر سجلا
حين نَفْحُ الهَدْيِ هلاّ
عندما هز الدنى صوتُ السماءِ
كل شبر من ترابي ملحمهْ
طاولت هام المحالْ
خطها نِعم الرِّجَالْ
من تساموا بالنضالْ
من لهم في كل يوم مكرمهْ
ضرب الامثال شعبي بالشهامهْ
يحمل الفاس يساعدْ
يرفع الرمح مُجَاهِدْ
يتحدى الهول صامدْ
صاغ نصر العرب في يوم الكرامهْ
كاللظى جيشي بساحات الحتوفْ
جيش أبطالٍ قساورْ
بالدما يبني المفاخرْ
وهو يجتاح المخاطرْ
يكتب السؤدد في حدِّ السيوفْ
ارضيَ الحرةُ أرضُ النخوةِ
جنة الدنيا الجميلهْ
لم تزل أرض الرجولهْ
وميادين البطولهْ
هي غاب العز مهدُ الوحدةِ
ملءُ عين الخُلْدِ آثاري العظيمهْ
الفنون الخالداتْ
والقصور الرائعاتْ
والقلاع الشامخاتْ
تروي عن أمسي وأمجادي القديمهْ
منذ فجر الكون ساح للنضالِ
أيّ عزم عزم شعبي
يتحدى كل صعبِ
دربه أشرف دربِ
ابدا يرنو لتحقيق الكمالِ
أنا والمجد والتاريخ والعلياء والظَّفَرُ
رفاق منذ كان البدء والإنسان والعُصُرُ
من سمائي شع نور الحق يهدي البشريهْ
من ربوعي سار ركبُ الخيرِ رَكْبُ المدنيهْ
أنا الأردن
* * *
نداءُ الحريّة
حفيف الغصون وهمس الصّبا
هتاف يجلجل في مسمعي
وشدو الهزار وترنيمه
نداء يحفزني أن أعي
فأنهض للسّاح ليثاً هصوراً
أذود الدّخيل عن الأرْبُعِ
وأفدي بروحي التّراث الطهور
وأحميه بالنّار والمدفعِ
بلدي محتلّة فَلأثِبْ
ولو كان في وثبتي مصرعي
سأقتحم الهول من أجلها
دفاعاً عن الشّرف الأرفعِ
فحطّين تهتف سِرْ للفداء
وجالوت تصرخ لا ترجعِ
تقدَّمْ وجدِّدْ لنا ماضياً
تألّق كالفرقد الأنصعِ
فأجدادُكَ الصّيد قد ركّزوا
على الكون، راي الهدى، أجمعِ
وكانوا نجوم الفتوح الأُلى
تساموا بكلّ فتىً أروعِ
فلا تنسَ أيامنا الخالدات
ومن حومة الرّوعِ لا تفزعِ
وبالنفس خلِّدْ عظيم التراث
وروح التّخاذل قُمْ شيِّعِ
بلادكَ قبر الغزاة الكبير
فقُلْ لعدوِّكَ لا تطمعِ
فيا سماواتُ عليّ اشهدي
ويا أمّتي قسمي رَجّعي
سأمضي أشق طريقي غدا
إلى الخُلْدِ من بابه الأوسعِ
أنا إن بذلتُ دمي في الوغى
أقول لصبح المعالي اطلعِ
فيا إخوتي لن يطول الأسى
ويا جفن أرضي لا تدمعِ