الفصل الثالث
سليمان المشيني قاصاً
القصة فن حديث العهد لم يعرفه الأدب العربي إلا منذ أواخر القرن التاسع عشر وله خصائص ومميزات معينة. ولعل المتمعن في خارطة الأجناس الأدبية المعاصرة في العالم العربي يخرج بانطباع مُؤَدّاه أن القصة تحتل الموقع الأكثر تقدماً على تلك الخارطة. حيث نرى تيار القصة في اندفاع مستمر، سواء على مستوى الشكل أم على مستوى المضمون، وتتميز بقدرتها على الحضور الزماني والمكاني المكثف، وتحقق بطواعيتها المرهفة نفاذاً أعمق وبلورة أشد إضاءة للعام والخاص معاً ([1]).
ويذهب سيد قطب إلى أنَّ القصة هي التعبير عن الحياة بتفصيلاتها وجزئياتها كما تمر في الزمن، ممثلة في الحوادث الخارجية والمشاعر الداخلية بفارق ظاهر: هو أن الحياة لا تبدأ من نقطة معينة ولا تنتهي إلى نقطة معينة، ولا يمكن فرز لحظة منها تبتدئ فيها حادثة بكل ملابساتها عن اللحظة التي قبلها.. وهي تصوير للحوادث والشخصيات بغاية الدقة والبراعة، أو يضع لها الكاتب إطاراً من مناظر الطبيعة والمشاهد المصنوعة كأننا في المسرح.. ([2])
أما الأقصوصة فهي شيء غير القصة، فليست الأقصوصة «قصة قصيرة»
(Short Story ) وتسميتها هكذا قد توجد شيئاً من اللبس، وحجم الأقصوصة ليس هو السمة التي تعين طبيعتها، فالاختلاف بينها وبين القصة لا يقف عند حجمها إنما يتعداه إلى طبيعتها ومجالها، وهي تقرأ غالباً في جلسة واحدة.تعالج القصة القصيرة فترة من الحياة بكل ملابساتها وجزئياتها واستطراداتها وتشابكها. وتصور شخصية واحدة أو عدة شخصيات في محيط واسع في الحياة.. ولا بد في القصة من بدء ونهاية للحوادث لتصل إلى غاية مرسومة، أما الأقصوصة فلا يُشترط لها بدء ولا نهاية من هذا الطراز، فقد تصف حالة نفسية، وتعتمد على قوة الإيحاء والتصوير قبل أن تعتمد الحادثة أو الشخصية.. ([3])، وهي تحتاج إلى التكثيف والبراعة والكلمات الدالة البسيطة وليس هناك في الواقع لون من ألوان الإنتاج الأدبي يدين للصحافة في انتشاره ورواجه مثل القصة القصيرة، بل ليس هناك لون من ألوان الإنتاج الأدبي تقبل عليه الصحافة وتتهافت على نشره مثل القصة القصيرة، ولعل هذا يرجع إلى حجم القصة وموضوعها وطبيعتها، كما يرجع - أيضاً - إلى تزامل في النشأة والارتقاء، فالقصة تدين منذ النشأة للصحافة التي أفسحت لها صدرها، وجعلتها تأخذ مكان الصدارة في عصر ازدهار الصحافة وسيطرتها ([4]).
وقد عانى الأردن من قلة وسائل النشر ومؤسسات الطباعة والتوزيع، وهذا ما دفع المواهب القصصية الشابة -في تلك الفترة- إلى نشر نتاجها في الصحف اليومية والأسبوعية - إن تمكّنت من ذلك - وكانت صحف الأربعينات والخمسينات رحبة لاستقبال هذا اللون الأدبي.
أما من حيث نشأة القصة فقد كانت فلسطين أسبق من الأردن في نشأة هذا اللون الأدبي، ورائد القصة الحديثة في هذين البلدين هو خليل بيدس (1875 - صاحب مجلة «النفائس» ([5])، التي كان لها دور طليعي في ميدان الثقافة الصحفية والنتاج الأدبي - ولا سيما القصة - وما رافقه من حركة نقدية في فلسطين ([6]).
جاء في مقدمة العدد الأول من مجلة النفائس: «... فلا يخفى ما للراويات على اختلاف موضوعاتها من التأثير الخطير في القلوب والعقول، حيث اعتبرت من أعظم أركان المدنية بالنظر إلى ما تستنبطه من الحكمة في تثقيف الأخلاق. وما تنطوي عليه من العبر، وتنوير الأذهان، وعقدنا النية على إصدار هذه المجموعة نضمنها من الروايات الأدبية والفكاهات العصرية، وغير ذلك من النوادر واللطائف ما يتوق إلى مطالعته كل أديب ([7]).
وقد نشأت القصة الحديثة في فلسطين والأردن متأثرة بعوامل أوروبية جاءت إلى منطقة الشرق العربي، وفرضت على عوامل التطور البطيئة الأصلية في منطقتنا كثيراً من ألوان التوجيه.. وقد رأينا كيف غزت وسائل الثقافة الأوروبية مجتمعنا المتطور. وتفاعلت معه، وبخاصة وسائل المدارس والصحف والمطابع والجمعيات والأندية..([8])، إضافة إلى عوامل النهضة الأخرى.. تلك التي أشرت إليها في تمهيد هذه الدراسة. ولهذا نرى أن نشأة القصة الحديثة في فلسطين والأردن نشأة رومانسية في مجملها. ومن هنا نرى آثار ذلك في اتجاهها إلى تقليد القصة الأوروبية الحديثة في تركيبها وبنائها. دون أن تفيد من التراث القصصي العربي القديم فائدة مباشرة ولم تقتصر أبعاد القصة الأردنية عند هذه المحاور وإنما شملت اتجاهين آخرين هما: اتجاه نحو الأمثال والحكم، مثل «عودة لقمان» لأديب عباسي ([9])، واتجاه آخر هو جمع القصص الشعبي الذي يشبه في كثير من صوره صور ألف ليلة وليلة، أو بعض التقاليد الشعبية، مثل «الدنيا حكايات» و «أساطير من بلادي» لفايز الغول ([10])، وحكايات روكس العزيزي في كتابه «وطنية خالدة، وأزاهير الصحراء» ([11]).
ولا تعني هذه الملاحظة إنقاصاً من قيمة هذه القصص، فإن للرواد فضل السبق في هذا المجال. وقد حفلت «الجزيرة» بالقصة القصيرة وأولتها عناية خاصة ونشرت كل ما من شأنه تطوير هذا الفن الأدبي الحديث، وما كثرة القصص المترجمة في هذه الصحيفة إلا خطوات على طريق هذا الفن الوليد المتطور.
كانت القصة القصيرة في الأردن أسبق إلى الظهور من القصة الطويلة وأكثر إنتاجاً ونضجاً، وذلك لسهولة كتابتها وإمكان نشرها في الصحف وخفتها على القارئ ([12])، وقد بدأت القصة كحدث - أو مجموعة أحداث - تروى أو تحكى للمتعة، والترفيه وإثارة العجب، أو التشويق، أو دغدغة الأحاسيس والعواطف بحوادث الشجاعة والبطولة والإقدام والمعارك.. أو حكايات الحب والغرام وما يلقى العشاق والمحبون من مآسٍ وأهوال وما يلجأون إليه من ذرائع وأساليب وحيل كي يتخلصوا مما أوقعتهم به الأقدار، أو من مؤامرات دبَّرها لهم المبغضون والخصوم([13])، ولم يكن للقصة في مطلع هذا القرن شأن يذكر، إذ كانت ندرتها لا تلقى من الحفاوة ما هي أهله، فما كان للقصة من مدلول في الأذهان إلا أنها أحدوثة أو طرفة أو سمر، وتكتب تحت عنوان فكاهات..! ([14]).
واتفق مع ما ذهب إليه محمد عطيات في رسالته «القصة الطويلة في الأدب الأردني» في أن القصة الأردنية القصيرة قد نشأت ساذجة تتناول أبسط قواعد السرد القصصي، وظلت هذه الحالة حتى وحدة الضفتين ([15]). وقد أشار محمود سيف الدين الإيراني في معرض حديثه عن القصة الأردنية إلى ثلاث قصص رائدة في هذا المجال هي: قصة «الله محبة»، للدكتور محمد صبحي أبو غنيمة ([16])، وقد نشرها في مجلة الفجر - وكان الإيراني صاحبها ورئيس تحريرها - وقصة «ذكريات لشكري شعشاعة» وقصة «فتاة من فلسطين» لعبد الحليم عباس، إضافة إلى عدد من المجاميع القصصية المتفرقة أذكر منها: «شعاع النور» لمحمد أديب العامري، و «قصص ونقدات» لحسني فريز ([17]). ولعل هؤلاء الرواد الأوائل كتاب القصة الأردنية قد نظروا إلى القصة على أنها وسيلة توجيه اجتماعية تكاد تقارب ما رأوه في الصحيفة من توجيه مختلف الألوان.. ([18])، على أن مجموعة محمود سيف الدين الإيراني «أول الشوط» ([19]) تعتبر من بواكير القصة الأردنية القصيرة بالرغم من رومانسيتها الواضحة. كما أن قصة «سدوم» لمصطفى وهبي التل التي نشرها في جريدة الكرمل الحيفاوية عام 1934، ثم عاود كتابتها مرة أخرى في منتصف الأربعينات بصورة جديدة تختلف عن سابقتها بزيادات وتغييرات عديدة في نصها.. ([20])، أقول أن هذه القصة تعتبر - كذلك - من بواكير القصة الأردنية ([21]).
لقد نشر المشيني مجموعة قصصية كلاسيكية بعنوان «موعد في القدس» ([22]). ضمت بين دفتيها عشرين قصة: عشر قصص موضوعة. وهي من تأليفه، وعشر قصص أخريات هي من روائع القصص العالمي، وقد ترجمها صاحبنا بتصرف لتخرج مرتدية حُلّة الرواء التي ابتدعها يراع كبار الأدباء العالميين - كما يقول القاص في مقدمة مجموعته - واختار عنوانها «موعد في القدس»، وهو عنوان قصته الأولى، لما للقدس الخالدة من سمو المنزلة، كيف لا وفي كلّ شبر من ثراها شهيد بطل من شهداء جيشنا العربي الأردني المظفر، والأمل بعودتها عظيم كما يأمل القاص الشاعر سليمان المشيني.
غلب على قصص هذه المجموعة الطابع التقليدي، وهي تطبِّق - بحق - عناصر القصة المعروفة: الزمان والمكان والشخوص والحدث أو مجموعة الأحداث والحوار،... وصولاً إلى نهاية معينة، أو التركيز على البعد الزماني أو البعد المكاني. فالقصة الأولى تتحدث عن فئة من الجنود يتحدثون، بطلها (حسان) الذي يأتيه أمر بالتحرك نحو القدس لدفع العدوان عنها، ويسرّ لهذا، ويستشهد مدافعاً عن هذه المدينة المقدسة، بعد أن يختطف مدفعاً رشاشاً من أحد الجنود ([23]).
في قصة الوسام:
أحمد شاب أردني عربي شهم، أحب الفتاة (نادية) وتمت خطبتها ويقرر والده أن يزوجه في أقرب إجازة، لكن الهجوم الغادر الذي وقع على الجيش العربي أخّر زواجه، فقد تصدّى أحمد ورفاقه للعدو، إذا قُتِل أحد الشباب وأصيب أحمد إصابة بالغة، حيث نقل إلى المستشفى وهرع والده المعروف بحبه لولده، وهناك وقع الخبر عليه وقع الصاعقة حيث أخبرته الممرضة أن ساق ولده قد بترت، فشعر كأن الزمن قد توقف، وأخذ أصدقاؤه يواسونه ولم يخطر بباله في هذه اللحظة إلا خطيبة ولده الغالي وخاف أن تقوم بهجره وخاف من تأثير هذا على ابنه الغالي، وفجأة جاءت نادية وعندما علمت ما حصل مع خطيبها أطلقت زغرودة بريئة، وقالت لأبي أحمد: أنا أفتخر بأن أكون زوجة بطل يحمل أرفع وسام!!
أما في قصة (مهر الكرامة)... ففي بلدة الكرامة الوادعة عاش سعيد، وقد كان شاباً متواضعاً يعمل في مزرعة، وفي أحد الأيام استيقظ على صوت عدوان آثم، وأزيز طائرات العدو فلم يعلم ما حصل حتى جاء صديقه أحمد وناداه للجهاد. ذهب إلى المعركة فرحاً لأنه جاء الوقت لينتقم لوالده الشهيد كما وعد والدته وهي تلفظ أنفاسها الأخيرة، وفجأة وجد نفسه في خندق مع النشامى حماة الوطن، وكان قد تدرّب على حمل السلاح مع أهل الكرامة. تقدّم هو وصديقه أحمد وفكَّر في التحدث إليه عندما انبعثت زغرودة أعقبها أمر التقدم، وبدأ هدير المدافع ودوي القنابل والرصاص ودبابات العدو تريد اختراق دفاع النشامى، ولكن عبارات النخوة والصمود كانت تقويه، حتى نفد عتاد رشاشه فتذكر قنابله اليدوية فأخذ يلقيها على دباباتهم وأحس فجأة بشيء عنيف يخترق رأسه، ثم فقد الرؤيا قبل أن يفقد وعيه تماماً، أفاق بعد يومين في المشفى فعلم أنه فقد عينه اليسرى تماماً، فلم يجزع وسأل عن نتيجة المعركة وعلم أنّ الله نصر النشامى في معركة الكرامة. فقال: فداكِ عيني وكل عين يا كرامة الكرامة!!
وتخليداً لمعارك الحرس الوطني الأردني في الستينات تدور قصة (لبيك يا أمجد)... وفي استرجاع للذكريات يقول:
أذكر أني خرجت ذات يوم من منزلي في قريتي القريبة من الحدود الإسرائيلية متجهاً إلى مزرعتي، وفي الطريق صُدمت بمنظر رهيب، حيث شاهدت طفلين قد مزقهما رصاص العدو، فعدت مسرعاً طلباً للنجدة وأحسست بحزن وغضب وقررت أن أنتقم لهما، وبعد مدة استيقظت على صوت رصاص ومعركة تدور، فقد حاول الإسرائيليون الدخول إلى قريتنا فهب رجال الحرس الوطني وأهل القرية للذود عن الحمى، والانتقام للطفلين، وفي خضم المعركة رأيت رجلا مغواراً يقاتل بكل عزمه، ويصرخ لبيك يا أمجد، أبشر يا مازن، سألت عنه فعلمت عنه أنه والد الطفلين الشهيدين.. وأخذ يمطر العدو بنيرانه حتى حاصروه، ثم يقول: اقتربنا وأخذنا بالدفاع عنه حتى أصبت واستيقظت في المشفى، حيث كان يعالج أبا الطفلين وحيث انتصر بواسلنا في معركتهم ضد أعداء الحق والحرية والإنسانية كما يقول القاص سليمان المشيني في قصته، وقد غلب طابع المباشرة والخطابة في أحداث قصصه بعامة.
ويتحدث القاص سليمان المشيني في قصة رابعة عن شاب ضرير يحاول إثبات نفسه، وتتحدث قصة «الإنسانية أبداً» عن شخص اسمه عبد الرحمن، يحب فعل الخير ومساعدة الناس، وبقيت إنسانيته كما هي حتى بعد تعرضه للإهانة وسوء الفهم من قبل أحد أصدقائه، ولكن في نهاية القصة يعترف صديقه بخطئه وندمه عليه وذلك بعد حاجته لعبد الرحمن وعدم تردده في مساعدته مرة أخرى، فالخير مزروع في كل إنسان!... ولعلَّ جملة من القيم الإنسانية تغلِّف قصص المشيني وتدفعها بهذه النفس الجميلة المحلقة التي تدافع عن القيم والأخلاق والمبادئ السامية ([24]).
أما قصة «الجنة تحت أقدام الأمهات» فهي تتحدث عن أم انتظرت طويلاً عودة ولديها الغائبين، وبعد تأخرهما، قلقت كثيراً عليهما، ثم اتصل بها أحد ولديها، وقال لها بأن شقيقه تعرض لحادث سيارة أودى به إلى المستشفى، فصعقت الأم وذهبت مسرعة إليه،وأخذت تصلي داعية الله بأن يشفيه، ولكنه ما لبث أن فارق الحياة، ثم أغمى على الأم وبعد أن أفاقت وجدت ولديها الاثنين أمامها وقالا لها بأنّ خطأً قد حدث فلم يكن ابنها في موقع الحادث ولكنها كانت صادقة في مشاعرها حين قالت: «إنّ حزني لموت هذا الشاب الذي لا أعرفه لا يقلُّ عن فرحي بعودة ولديّ إليّ»!
ومن القصص المترجمة ([25]) قصة «صورة في الظلام» للأديب لوجي بيراندللو وتدور القصة حول إصابة (سلفيو) ابن المركيزة الثرية (يورجي) بالعمى إثر مرض أعيا أبرع الأطباء، أما الدكتور (فالشي) فقد أدرك بعد فحصه أنه مصاب بمرض نادر من أمراض العيون ولكنه اكتفى ببث الأمل في نفس أمه الحزينة ووعدها بأنه سيأتي في موعد آخر، وعندما عاد في الموعد المحدد كانت المركيزة قد ماتت من الهم والحزن على ولدها، ولكنه أصرّ على مقابلة (سلفيو) ليخفف عنه آلامه، لكن الفرصة لم تتح له. فقد كان (سلفيو) يعيش في ظلام وحزن وأسى بعد وفاة أمه، إلا أن صوت الآنسة (ليديا) التي كانت أقرب الناس إلى والدته كان يخفف عنه بعض أحزانه. وقد أخلصت له وقدمت العناية والرعاية، وقد كان (سلفيو) يراها في ظلامه الدامس بصورة يعكسها صوتها الرقيق إلى أن وقعا في حب بعضهما وقررا الزواج، وقبل أسبوع من الزواج عاد الطبيب (فاليني)، وقد خافت (ليديا) أن يعود (سلفيو) بصيراً ويعدل عن الزواج منها، ولكن قلبها لم يسمح لها بمنع إجراء العملية. وبعد انتهاء العملية اطمأنت (ليديا) على نجاحها دون أن يراها، وسافرت إلى جهة مجهولة لكي تظل صوتاً رائعاً في أذنيه وتظل صورتها كما رسمها في ظلامه!
أما قصة (قلب الأب) للأديب طاغور نجد أنّ الأب يتحدث في هذه القصة عن ابنته (ميني) التي تبعها في أحد الأيام عندما هرعت إلى النافذة عند سماعها صوت بائع الفاكهة في الشارع، وأخذت تناديه بصوت مرتفع، ولما رفع وجهه إليها انتابها الخوف، ودخلت تنادي أمها فقد كانت تظن أنَّ في الحقيبة التي يحملها طفلا أو طفلة، وبعد ذلك نشأت صداقة جميلة بينهما، وكانا يجلسان ويتكلمان ويضحكان. ولكن أمها كانت خائفة من بائع الفاكهة لانتشار خطف الأطفال في منطقتهم. وكان الأب يطمئنها، ولم تستمر هذه الصداقة الجميلة لأنّ البائع حكم عليه بسنوات طويلة في السجن بعد مشاجرة حدثت مع أحد زبائنه، وبعد سنوات طويلة في السجن عاد البائع ليرى الطفلة الصغيرة التي كبرت وكانت تتهيأ للزواج، في البداية منعه والدها من رؤيتها إلا أنه بيّن لوالدها أن له ابنة صغيرة مثل (ميني) وهو بعيد عنها منذ سنوات طويلة، فتذكّر أن ابنته الصغيرة لابد وقد كبرت في غيابه، ... حزن عليه والد (ميني) حزناً شديداً، فأعطاه ورقة مالية ليعود إلى بيته وابنته، مما أدى إلى تسديد بعض نفقات الزواج، ولكن الفرحة كانت كاملة في قلبه لأنه أعاد ذلك البائع إلى ابنته بعد فراق طويل.
في حين نجد أنّ قصة (المظلوم) لتولستوي تتحدث عن شخص يدعى (إيفان) وهو تاجر من قرية (فلا يبير) والحادثة التي حصلت معه عند ذهابه في رحلة تجارية إلى مدينة مجاورة. واتهامه بالقتل، وبعد مضي ستة وعشرين عاماً ظهر القاتل الحقيقي لكن (إيفان)لم يفرح فقد فارق الحياة!
أما قصة (صفحات من البطولة) لـ د. ج بريتوريوس فهي تتحدث عن بطل يدعى (كازيلا) وموقفه من مجيء الفرنسيين إلى جزيرته (كورسيكا) عام 1798 م، وخداعه للجنود الفرنسيين وللكونت الفرنسي، وإصراره على مقاومة الاستعمار وإبقاء (كورسيكا) حرة، كما تتحدث القصة عن كيفية مواجهته للفرنسيين وحده ونجاحه أخيراً في المقاومة!
وفي قصة (قلب أم) للأديب العالمي (البرتومورافيا) تركيز على إبراز حنان الأم وقلبها الرحيم تجاه مولودها السابع بعد أن حاولت عدة مرات التخلص منه.
لقد صدرت عشرات المجاميع القصصية في الأربعينات والخمسينات والستينات من القرن الماضي، ولكنّ هذه المجاميع بقيت متواضعة في طرحها وأسلوبها ولغتها. وعندما رصد الدكتور سمير قطامي هذه المجاميع، أغفل مجموعة متميزة للأستاذ سليمان المشيني وهي التي قمنا بعرضها، فقد صدرت مجموعته «موعد في القدس» عام 1968 م. وسأثبت تلك القائمة التي رصدها الزميل قطامي، دون الإشارة إلى مجموعة المشيني التي نحن بصددها، وذلك عندما نشر كتابه «الحركة الأدبية في الأردن ([26])، ثم عاود الدكتور سمير قراءة هذه المجموعة لاحقاً، وطرحها في ندوة تكريم الأستاذ المشيني التي عقدت في السلط، وسأعرضها فيما سيأتي.
ولكن ما يؤخذ على هذه المحاولات أنها لم تبلغ مستوى القصة القصيرة الفنية القائمة على التركيز والإيحاء والحدث المتطور وكشف أغوار الشخصيات، ولحظة التنوير والبعد عن التدخل والتقرير... فقد كانت تغلب عليها النزعة التعليمية والروح الوعظية، ولهذا يمكن القول إنَّ القصة القصيرة الناضجة في الأدب العربي هي التي نجدها لدى فئة من الكتاب الذين استوعبوا التجربة الأوروبية، وفهموا أسرار هذا الفن وتكنيكه، كما تأصّلت لدى أصحابه... ومن أمثال هؤلاء جبران خليل جبران، وميخائيل نعيمة، ومحمد تيمور، وطاهر لاشين، ويحيى حقي، وخليل تقي الدين، وتوفيق عواد...
لم تبدأ القصة القصيرة في الأردن من الصفر، بل أفادت من تجارب الكتاب في مصر وسورية ولبنان والمهجر، كما أفادت من بعض الندوات النقدية التي كانت تترجم أو تنشر في المجلات والكتب.. ولهذا تفاوتت مستويات هذه القصص بتفاوت المستوى الثقافي والإدراكي لأصحابها، وتباين تأثرهم بالمذاهب والتيارات الفنية والنقدية، وبالاتجاهات السياسية والاجتماعية.
وتظل مجموعة من الأسئلة قائمة: إلى أي حد تجاوزت قصص هذه المرحلة مآخذ البدايات وهنات الريادة، كالتدخل المباشر وفرض الآراء، والنزعة الخطابية والتعليمية؟ وإلى أي حدٍّ أفادت من جهود السابقين؟ وهل بلغت قصصهم درجة من النضج تضاهي ما بلغته القصة القصيرة في بعض الأقطار العربية كسورية ولبنان ومصر، في الخمسينات والستينات؟
في محاولتي للإجابة عن هذه الأسئلة سأتعرض في هذا الفصل للمجموعات القصصية التي تنتمي إلى الحقبة الزمنية الواقعة بين سنة 1948، وسنة 1967، والمنشورة في كتب، سواء نشرت خلال تلك المدة أو بعدها، ضاربا صفحاً عن القصص التي لم تصدر في كتب، واكتفى أصحابها بنشرها في الصحف والمجلات. خلال تنقيبي في قصص هذه المرحلة وصلت إلى المجموعات التالية، مرتبة حسب تواريخ صدورها:
1- أمين فارس ملحس، من وحي الواقع - دار المنار - القدس، سنة 1952 م.
2- عبد الحميد الأنشاصي، عطف أم وقصص أخرى - دار سعد -
مصر ب.ت.3- محمد أديب العامري، شعاع النور - دار المعارف - مصر - سنة 1953م.
4- نجاتي صدقي، الأخوات الحزينات، دار المعارف - مصر حوالي
سنة 1953م.5- روكس العزيزي، وطنية خالدة وأزاهير الصحراء، مطبعة العرفان - صيدا- سنة 1954.
6- عيسى الناعوري، طريق الشوك - مكتبة الاستقلال - عمان -
سنة 1955م.7- محمود سيف الدين الإيراني، مع الناس - دار النشر والتوزيع - عمان -
سنة 1955م.8- ميشيل الحاج، المجنون يعشق الموت - دار الطباعة والنشر - عمان -
سنة 1955م.9- عيسى الناعوري، خلي السيف يقول - مطبعة دار الأيتام - القدس -
سنة 1956 م.10- حسني فريز، قصص ونقدات ب. ن - 1957 م.
11- محمد سعيد الجنيدي، الدحنون، مكتب التوزيع العربي - القدس -
سنة 1959م.12- عبد الحميد ياسين، عشر أقاصيص مصورة - المطبعة الوطنية - عمان
سنة 1959م.13- عيسى الناعوري، عائد إلى الميدان - دار الرائد - حلب 1961م.
14- محمود سيف الدين الإيراني، ما أقل الثمن - عمان - ب. ن -
سنة 1962م.15- أحمد العناني، حبة البرتقال - دار المعارف - مصر - سنة 1962.
16- يوسف العظم، يا أيها الإنسان، مكتبة المعارف - إربد - سنة 1962م.
17- نجاتي صدقي، الشيوعي المليونير - دار الكاتب العرب - بيروت -
سنة 1963م.18- محمود سيف الدين الإيراني، متى ينتهي الليل؟ دار الكتاب العربي - بيروت - سنة 1965م.
وهناك أربع مجموعات نشرت بعد سنة 1967 م، وهذه المجموعات هي:
1- أمين فارس ملحس، أبو مصطفى، دائرة الثقافة والفنون - عمان -
سنة 1973 م.2- إبراهيم سكجها، صور مبتداها يافا - دائرة الثقافة والفنون، عمان،
سنة 1982م.3- سليمان موسى، ذلك المجهول - منشورات رابطة الكتاب الأردنيين
- عمان- سنة 1982م.4- صبحي شحروري، المعطف القديم، منشورات البيادر، القدس،
سنة 1983م.وهكذا نجد عندنا كاتبين لكل منهما ثلاث مجموعات وهما: الإيراني، والناعوري، وكاتبين لكل منهما مجموعتان وهما: نجاتي صدقي، وأمين فارس ملحس.. أما البقية فلكل منهم مجموعة واحدة.
في دراسته عن القصة القصيرة في فلسطين والأردن، صنّف د. هاشم ياغي معظم المجموعات السابقة في إطار المدرسة الرومانسية، وعدّ مجموعتي نجاتي صدقي: الأخوات الحزينات، والشيوعي المليونير، ومجموعة أمين فارس ملحس من وحي الواقع، قصصاً تمتزج فيها الرومانسية بالواقعية الجديدة.. أما الدكتور عبد الرحمن ياغي فعلى الرغم من أنه يتفق مع أخيه هاشم في المنهج، فإنه يضع نجاتي صدقي في إطار الواقعية الاشتراكية، وسمى المدرسة باسم الإيراني وصدقي ([27]).
ولا شك أنَّ مثل هذا التضارب في التصنيف يشوش القارئ، فيتشكك بالأسس النقدية التي قامت عليها دراسة كل منهما... وقد أشار إلى ذلك الإيراني نفسه في بحثه حول القصة القصيرة المنشورة في كتاب «ثقافتنا في خمسين عاماً»، وفي أكثر من موضع، إذ قال معلقاً على تقييم د. هاشم على مجموعتي نجاتي وصدقي: «ويستعرض د. هاشم ياغي قصص المجموعتين، ويجعله مرة من أتباع المدرسة الواقعية الاشتراكية، ومرة من الآخذين بأسباب المدرسة الرومانسية... وهكذا قد أخرجه هاشم من مدرسة محمود سيف الدين الإيراني التي وضعه فيها عبد الرحمن ياغي، ثم جعله حائراً بين مدرستين، وكأنه لا سمة مميزة له غير أنه يمزج بين قيم مدرستين متفاوتتين كل التفاوت.
وأنا أرى أنّ الجهد الكبير الذي قام به د. هاشم ياغي في استقصاء القصص ودراستها وتصنيفها لا يقلل منه اختلاف الإيراني معه، ولكن ذلك لا يمنعني من القول أن المنهج الذي اعتمد عليه هاشم هو الذي دفعه إلى شيء من الاعتساف في الأحكام... فالمدارس الأدبية والنقدية التي ظهرت في أوروبا في القرنين التاسع عشر والعشرين، ظهرت نتيجة لظروف سياسية واجتماعية وثقافية معينة، وعندما حمل الأدباء لواء تلك المذاهب والاتجاهات كانوا يعون تماماً الأدوار التي يقومون بها، والأفكار التي ينطلقون منها، وكانت الحركات النقدية تقوم كذلك بتحديد الأطر والمعالم لكل مذهب واتجاه، ولذلك لا تواجه الناقد هناك صعوبات في تصنيف الأدباء وتحديد مدارسهم واتجاهاتهم.. وإذا حدث شيء من الاختلاف بين ناقد وآخر حول أديب أو شاعر، لا يتجاوز الاختلاف بعض الجزئيات، ولا يمكن أن يبلغ تحت أي ظرف من الظروف، حد التناقض الذي نراه عندنا.
وعلى هذا أستطيع أن أدَّعي أنّ من الاعتساف محاولة تطبيق الاتجاهات والمذاهب الأدبية الأوروبية على إنتاجنا الأدبي شعراً أو قصة، وبخاصة في المرحلة التي نبحثها.. فأدباؤنا لم يعيشوا ظروف أوروبا الحضارية والسياسية التي صبغت الأدباء وأدت إلى ظهور تلك المذاهب، ولذا من الظلم محاولة تطبيق مقاييس غريبة عليهم، على الرغم من الرأي الشائع بأن القصة العربية فن مستورد.. صحيح أننا أخذنا القصة الحديثة كشكل فني، ولكن ما لا بد من الإشارة إليه أن كُتّابنا قد قرأوا في كافة الاتجاهات والمدارس من الشرق ومن الغرب، دون تمييز، وهذا ما يفسر ظهور أكثر من ملمح أو ميسم في إنتاجهم، ويؤدي بالتالي إلى صعوبة تصنيفهم في مذهب محدد.. وهذا ما واجه د. هاشم ياغي في دراسته لكتَّاب القصة، إذ كان يجد بعضهم يقفز من بؤرة الواقعية إلى تخوم الرومانسية أو الرمزية.. وبعضهم الآخر يراوح بين الواقعية النقدية والواقعية الاشتراكية، أو الواقعية القديمة والواقعية الحديثة ([28]).
وعلى هذا أستطيع الزعم، بعد قراءتي المتأنية للإنتاج القصصي لهذه المرحلة أن معظم هذا الإنتاج يمتح من المعين الاجتماعي، بما فيه من مآس وآلام، ويعالج هموم الإنسان السياسية والاجتماعية والاقتصادية والنفسية، أحياناً بهدوء، وأحياناً بعنف وحدة ومبالغة، ولا غرو في ذلك، فالمرحلة الخاضعة للدراسة من أكثر المراحل صراعاً ومعاناة، والبيئة المعنية، من أخصب البيئات مادة، بما اصطرع فيها من تيارات سياسية وفكرية، وبمواجهة أهلها لأعتى الهجمات البربرية في التاريخ، وأخطر الأعداء الذين زوَّروا التاريخ، وقلبوا الحقائق، واستولوا على الأرض، وطردوا أهلها منها.. ففي هذا الجو، وفي تلك الظروف، يكون مستغرباً من أي أديب أن يتجاوز هذا الواقع اليومي والمصيري، ليحلق في أجواء الفضاء، أو يصور العبث واللامعقول، أو يتسلى بالفذلكات الأدبية والأسلوبية متخذاً من الفن غاية وهدفاً... ولا أراني مبالغاً إذا قلت أنني لم أجد كاتباً إلا وهموم الأرض والناس نصب عينيه، ولم أجد قصة إلا وهدفها أو هاجسها صراع الإنسان مع القوى الأخرى، حتى في القصص التي تصنف بأنها أسطورية أو خيالية.. فالمادة تكاد تكون واحدة، أو أن الكُتّاب يمتحون من معين واحد، ولكن الاختلاف بينهم في تشكيل المادة التي يتعاملون بها، وفي كيفية تناولها، وفي فنية عرضها، وفي تصوير الأشخاص والأحداث([29]).
وكانت حالة القصة الأردنية نموذجاً من حالة القصة العربية، فهي بدايات لهذا الجنس الأدبي الوافد - حسب ما أرى - ولم تكن هذه المحاولات ناضجة فنياً، بل لم يستوعب هؤلاء القاصون عناصر القصة الفنية من مكان وزمان وشخوص وحدث وعقدة.. ولم يستطع كتاب القصة في صحيفة «الجزيرة» تنسيق مادة قصصهم، بحيث يجعلون تطور القصة واضحاً ممتعاً، على الرغم من وجود المادة القصصية الخام التي استلهموا معظمها من أرض الواقع؛ فطرقوا القصة الاجتماعية والعاطفية، والوطنية، والتاريخية، وأسبغ بعض هؤلاء سرحاتهم الرومانسية المحلقة على كتاباتهم.
حول قيمة القصة ودورها في حياة الأدب وإنعاشه، طرح محمد يوسف نجم سؤالاً يعنينا في معرض هذه الملامح العجلة.. يقول: «هل تركت هذه القصص في النفس أثراً لا ينسى، وهل هذا الأثر الذي تركته ناتج عن سلسلة من الحوادث أو عن شخصية من الشخصيات، أو عن فكرة من الفكر، أو عن صورة المجتمع في فترة معينة؟... ([30]) واقع الأمر أني لم أشعر بذاك الذي تحدث عنه الناقد نجم، حيث أن تطوير الحوادث لم يكن مقنعاً، لذا فإنَّ هذه المحاولات القصصية في معظمها - لم تكن مناسبة وفق الأحداث دون تدخل الكاتب، ودون أن يوصلك إلى النتيجة المقنعة التي تؤول إليها هذه الأقاصيص.
إنَّ تطور القصة الطبيعي لا يخرج عن نطاق المعقولية والاحتمال، وهو ما أطلق عليه الدكتور نجم مبدأ السببية، ويعتبر من أهم المبادئ الفنية، في بعض القصص أن يلجأ الكاتب إلى عنصر «القدر» ويأتي بهذه القوى الخارجية، ليقنع القارئ بأن تطور الحوادث عنده لا يخرج عن نطاق المعقولية والاحتمال ([31]). ومن المآخذ الأخرى على بواكير القصة الأردنية المنشورة في «الجزيرة» -مثلاً- أن هؤلاء القصاصين لم يتعدوا كونهم واعظين ناصحين، حيث يظهر تدخلهم الشخصي في سير الأحداث و إنطاق الأبطال في غير دورهم ومكانهم المناسب!
وقد عمد بعض هؤلاء الكتاب إلى طريقة السرد المباشر مثل القصص التاريخية التي عرضنا لها في حين عمد بعضهم إلى الترجمة الذاتية مثل قصة «رسالة ومصباح» لخالد نصرة، و«قتلت أمي» لمحمد سعيد الجنيدي، أما قصة «الشهيد المجهول» لعيسى الناعوري فقد كانت قصة بصورة رسالة متبادلة بين بطل القصة ومحبوبته «بشرى».. وهذه نماذج مشرقة من قصص الجزيرة، أما غالبية القصص التي نشرتها هذه الصحيفة فنرى أن الكاتب يقحم نفسه إقحاماً للإشادة بفكرة أو التغني بدعوة، مسوقاً إلى ذلك بغرض من الأغراض، أو مخدوعاً بتوجيه من التوجيهات، دون أن يستجيب شعوره استجابة حقة لتلك الفكرة، أو لدعوة يتخذها محوراً للإشادة والتغني.. وقد خانهم فنهم إزاء هذا...([32]).
وفي تقييم الدكتور سمير قطامي لبعض القصص التي عرضت لها يقول : «يبدو أنَّ الظروف السياسية والاجتماعية التي سادت المجتمع الأردني في الربع الثاني من القرن العشرين، كانت العامل الأهم في توجيه الأدب والأدباء نحو الناس ومشاكلهم - حيث نلمح حضور القصة الاجتماعية - كما يبدو أن المنحى التعليمي والتوجيهي كان يسيطر على كتاب القصة في تلك الفترة. لذا قلما وجدنا تعمقاً في رسم الأشخاص، أو تحليلاً لنفسياتهم.. ومنطقية في تطور الحدث وتجاوباً بين الأشخاص والأحداث، وبراعة في نسج العقدة. وتركيزاً في الحوار والوصف، وبعداً عن المباشرة والتدخل وروح الوعظ وفهماً لفنية القصة([33])، كما أشار الدكتور قطامي إلى ملحظ هام وهو تأخر ظهور الكتب النقدية حول الفن القصصي، وعندما قام عبد الحليم عباس بنقد كتاب «ذكريات» لشكري شعشاعة توسل بمنهج العقاد في نقده للشعر، وبوسائله التي وضعها للحكم على قصائد الشعراء، دون أن يتنبه إلى أن كتاب «الذكريات» أقرب إلى المذكرات والخواطر والنقد الاجتماعي منه إلى الشعر..([34])
لقد تأرجحت هذه القصص في أسلوبها بين الصورة القصصية والمقالة القصصية، ولكنها لم تتعد إلى القصة الفنية الحديثة التي تحلل البطل نفسياً، وتصور النفس بكل انفعالاتها وخواطرها، إلى القصة التي ترسم الحياة الداخلية للإنسان ([35])، وأدى هذا التأرجح إلى ضعف التكنيك القصصي في الشكل، وتقريرية واضحة في السرد، كما نلمح تركيز هذه القصص على شخصية واحدة مما جعلها تتسم بالسطحية والنمطية والضحالة في الكثير من الأحيان، ويسهل عليك التعرف إليها بسبب خلوها من العمق والأبعاد الفكرية.. ([36]) هذا البطل الذي لم يترك الأدباء الغابرون صفة من صفات الكمال إلا أسبغوها عليه ([37]).
ويمكن القول أن مستويات الكتَّاب قد اختلفت، كما أنَّ أساليبهم قد تباينت نتيجة لاختلاف ثقافتهم وبيئاتهم المحيطة ومشاربهم وقراءاتهم، واتصف هؤلاء الرواد بخصائص أسلوبية تكاد تكون الخصائص نفسها التي برزت في الأقاصيص العربية قبل الحرب العالمية الأولى، إذ طغى عليها الوصف الخارجي الذي يتقدّم الحدث فكأنه مدخل إليه، وقد عنيت مقدمات عن هذه القصص بتقديم الحكم والنصائح، وثمة أقاصيص أردنية تقدَّم القيم فيها جاهزة دون صراع يبرز انتصار قيمة على أخرى، ومثل هذا الأسلوب يظهر الكاتب واعظاً أكثر منه فناناً. وفي أحيان أخرى سقطت هذه الأقاصيص في ضعف التبرير وعدم الإقناع ([38]).
* * *
وبعد عرض حال القصة القصيرة في الأردن وفلسطين إبان الأربعينات والخمسينات، والستينات من القرن المنصرم، وإرهاصاتها وتقلباتها، لابدَّ من النظر إلى التفاتة نقدية للدكتور سمير قطامي حول مجموعة «موعد في القدس» بعد أن تجاوزها في دراسته السابقة «الحركة الأدبية في الأردن»... يقول في عرضه :
لقد كان للموضوع الأول ست من القصص المؤلفة، وإن لم تخل بعض القصص المترجمة من ذلك، كقصة (صفحات من البطولة) و( الظبي الرمادي )، كما أنَّ بعض قصصه الأخرى تدور حول الجنود وبطولاتهم.
من خلال قراءتي للقصص، ومن معرفتي ومخالطتي للمشيني، أحسست أنني أمام شخصية لا تُفهم إلا إذا عُرف مفتاحها، وقد وجدت أنّ مفتاح هذه الشخصية هو طبيعة الجندي الوطني، منها نفهم قصائده وأناشيده والتزامه القوي بقضايا وطنه، وحبه الشديد لجيش بلاده الذي كان له النصيب الأوفر في أدب المشيني، على الرغم من كل المثبطات.. كما وجدت أنّ الحس الإنساني الرفيع هو الذي يصبغ هذه الشخصية بصبغته، ويحدّد مسيرها وسلوكها وعلاقتها بالآخرين، فهو إنسان رقيق حسّاس يحبّ الناس ويتمنّى الخير لهم، ولا يضمر شراً لأحد، ويتمنّى أن يكون الناس خيّرين لا أشراراً.. فما انطوت عليه الشخصية من تواضع واحترام وتقدير للآخرين، وما أثر عنها من تجاوب مع هموم الناس وآلامهم، وانحياز للمظلومين والضعفاء والفقراء، إلا تعبيراً عن هذا الجانب الذي يبدو في جلّ ما يكتب.
ركّز المشيني في معظم قصصه على روح الجندي، كما ركّز على بسالة الجنود وتضحياتهم في كل ميادين القتال، هذا الذي غطّى على أي جانب آخر.. حتى في قصته ( صور من البطولة ) التي ظننت للوهلة الأولى أنها مترجمة ؛ لأنها تقوم على معركة بحرية بين بارجة وعدد من القطع البحرية والطائرات، تنتهي بإغراق البارجة، ولكن أميرالها يأبى أن يغادرها ويؤثر أن يغرق معها بعد أن يأمر طاقمها بالنزول في قوارب النجاة.. «ورجع مساعدوه وأركانه إلى البارجة التي أخذ ثلاثة أرباعها يغوص في الماء محاولين إقناعه، فإذا بصوته يهدر كالرعد بأن يعودوا إلى قواربهم في الحال، وأطاعوا الأمر العسكري، وللأمر العسكري قدسيته، وعادوا إلى قواربهم بقلوب تنزف دماً، وتقدم الأميرال بخطى ثابتة نحو العلم فأدى له التحية، ثم اقترب من الصارية واحتضنها كما يحضن الأب وحيده، بينما كانت صرخات ضباطه وجنوده تشق عنان السماء، يرجونه العدول عن رأيه، ولكن البطل لم يلتفت لتوسلاتهم، بل أخذ يغوص مع بارجته، رفيقة عمره، وشريكة حياته، وعنوان اعتزازه، وموضوع حبه، أخذ يغوص معها رويداً رويداً إلى أعماق اليم، حتى إذا ما غمر الماء كتفيه، أمسك بقبعته، ولوّح بها، ثم رمى بها في الهواء، بينما كان رأسه العبقري يختفي مع بارجته إلى الأبد، وقد خلف أسطورة البطولة والتضحية وملحمة الشرف العسكري».
وأنا أعتقد أنّ هذه القصة مقتبسة، وقد ركَّز المشيني عليها لما فيها من قيم البطولة والفداء والتضحية من أجل الوطن، تلك التي يُركِّز عليها في أدبه، ولكن المشيني أراد تقديمها للأجيال، ليستثير فيهم روح التضحية والفداء، ويعطيهم درساً في حب الوطن والدفاع عنه.. كما يرى الأستاذ سمير قطامي.
أهدى المشيني هذه المجموعة «إلى معالي المشير حابس المجالي بطل معارك باب الواد ومثال القائد المؤمن برسالة مليكه الحسين العظيم، وبمجد العرب تحت راية البيت الهاشمي الأرفع، إلى القائد العام للجيش العربي الأردني المظفر، هذا الجيش الذي صفحاته بيض كإشراق الندى، وسطوره حمراء مخضلة في المجد، وجهاده الميمون سفر الكرامة الخالد. هذا الجيش الذي شاد عظمة نضاله الشهداء الأبطال».
أما أول قصة فقد جاءت بعنوان ( موعد في القدس ) وهي عن حرب 1967، وشخصيتها الرئيسية هي الجندي حسان الحزين الذي كان قليل الكلام، وتحوّل عندما تلقى أمر التحرك إلى القدس، إلى إنسان آخر كثير الكلام، مرتفع الصوت، يحادث رفاقه بسرور ونشوة.. ويتقدم حسان إلى الموت مع أصحابه بثغر باسم، وقلب عامر بالإيمان، يتقدم إلى الأمام ليؤدي الواجب نحو القدس الحبيبة، غير ملتفت لأزيز الرصاص ودوي القنابل وهدير المدافع، ويواصل تقدمه وأطياف الموت تبرز في الميدان من خلال القذائف والنار واللهب، ويصمد صموداً عجيباً، فلا يتراجع رغم النار المصوّبة إليه من كل مكان، ورشاشه بيده يصرع به جنود الأعداء حتى تنفد ذخيرته، فيحيط به جند الغاصبين إحاطة السوار بالمعصم.. وفي هذه اللحظة الحاسمة التي كان فيها العدو ينتظر منه التسليم، يفاجئه حسان بوثبة الليث، منتزعاً بأسرع من لمح البصر، من أحد الجنود مدفعاً رشاشاً، ويأخذ بإطلاق النار، يردي الآثم بسلاحه، حتى يخرّ مثخناً بالجراح على الأرض.
بهذه الروح والتوَجه كتب المشيني معظم قصصه، وكأني به كان منذوراً لتبييض صورة الجندي المقدام والجيش الأردني الباسل، تلك التي شابها كثير من التشويه بعد سنة 1970، ولا غرو في ذلك، فسليمان المشيني أردني؛ يعتز بأردنيته وبوطنه وبجيش بلاده، فلا أقل من ترجمة ذلك من خلال قصص تعلم الأجيال، وتقدّم لهم صورة مشرقة عن بسالة الجنود وتضحيات الجيش الأردني في كل معاركه التي خاضها ضد العدو الصهيوني.
أما البعد الثاني فهو البعد الإنساني، هذا البعد الذي أرى أنه يوجه مسيرة هذا الكاتب ويحدَد خطاه، فسليمان في كل ما كتب أو ترجم، تراه مسكوناً بالهمِّ الإنساني وقيم الحق والخير والجمال، هذه التي غدت بضاعة كاسدة في المجتمع، فجلّ القصص التي ترجمها هي قصص ذات نزوع إنساني فيها تركيز على جوانب الخير والإنسانية لدى الناس، وكأني بالكاتب من أتباع الواقعية.. وإذا كنا نقول دائما إن اختيار الكاتب ينمّ عن شخصيته، فاختيار المشيني لهذه القصص الإنسانية مقصود لتعميم الحق والجمال والأعمال الطيبة بين الناس، فسليمان إنسان في الدرجة الأولى، يفيض رقة وإنسانية، ويريد أن يكون الآخرون كذلك، لهذا نراه في كل ما كتب لا يتخلى عن لبوس الإنسان المصلح الموجّه الداعي للخير، حتى لو أُخذ هذا عليه، ويبدو لي أنَّ ما كان يُحفِّز سليمان المشيني على الكتابة أو الترجمة ليس الفن المجرد، بل المضمون الإنساني والوطني، ذلك الذي كان يود أن يعم المجتمع والناس... واتفق تماماً مع الدكتور سمير قطامي في هذه الملاحظة.
يقول في إحدى قصصه المترجمة من خلال حوار الصديقين:
- ألا ترى معي أن عنصر الخير خالد في الحياة؟
- بلى لأن الحياة إذا خلت من الخير واللطف والرقة والإيثار، ومن ذوي القلوب الكبيرة لا تستحق أن تعاش.
وفي قصة أخرى عندما امتنع الشاب عن إطلاق النار على الظبي الرمادي، لما فيه من وقار وكبرياء، مع أنه كان قادراً، قال لأبيه عندما سأله: إنَّ نفسي لم تطاوعني أن أدفع هذا الثمن الفادح، وأهدر هذه الروعة، لأثبت أنني صيّاد ماهر.. رد عليه الأب: لقد تعلمت اليوم يا ولدي شيئاً غالياً يعيش الناس سنوات طويلة ثم يموتون دون أن يعرفوه.. لقد تعلمت المحبة والرحمة يا ولدي، ولا تنس أن القوي الشجاع تصهر قلبه المحبة والرحمة.
لقد كان سليمان المشيني في كل ما كتب وطنياً حد النخاع، وإنساناً حد التقديس، تأسره الرحمة والرقة الإنسانية، وكتب كل ما كتب منطلقاً من هاتين القيمتين اللتين يرى أن المجتمعات إذا خلت منهما اختلّ بنيانها، وتحوّلت إلى مجموعات من الذئاب...(1)
إنَّ مفهوم القصة القصيرة في هذه البدايات التي أشرنا إليها كان غامضاً في أذهان القاصين، إذ عنيت بالوصف الخارجي والسرد المباشر، وقد اقتضاهم ذلك أن يطيلوا زمن القصة كما يجري في الرواية على حين تنفيذ القصة القصيرة بزمن قصير لأنها تتصل بحدث واحد أو مجموعة أحداث قصيرة متتالية (2) ومما يدل على غموض مفهوم القصة في أذهان هؤلاء الرواد تلك النهايات المصطنعة في بعض هذه المحاولات، وقد تضمنت بعض الأقاصيص لمسات إنسانية في معالجتها لقضايا الطبقة المتوسطة وطرح همومها الاجتماعية والعاطفية، وغلب على النوع الأخير الطابع الحزين المؤلم، وقد تراوح النتاج القصصي لجيل الرواد هذا والذي صدر معظمه في فترات زمنية الذي أصاب هذا الفن عربياً وعالمياً، وبين عدم القدرة على فهم المقومات الأساسية لهذا الفن والخلط بينه وبين الأشكال الأدبية الأخرى إلى حد الخلط بين القصة والمقالة التعليمية أو الخطبة المباشرة([39]).
أما لغة هذا الجيل فقد ظلت متمسكة بالتراث والأدب القديم، على الرغم من تأثرها بالآداب الأجنبية والقصص المترجمة وهذا ما سأعرج عليه في القصة
القصيرة المترجمة.
القصة المترجمة (المنقولة)
عندما تناول الدكتور هاشم ياغي القصة القصيرة في فلسطين والأردن، عرض إلى ترجمة القصة فقال: «أما عنصر الترجمة في القصة الأردنية فقد كان من الوضوح بحيث يكون مادة صالحة لدراسة منفصلة.. ([40])» ولم يأبه أحد لهذه الدعوة غير ما أشار إليه إبراهيم العَلَم في رسالته «الأقصوصة في الأردن»([41])، وما اقتبسه محمود سيف الدين الإيراني عن كتاب الدكتور عبد الرحمن ياغي «حياة الأدب الفلسطيني الحديث»([42]).
وقد أقبل الكُتّاب على ترجمة القصص، واتسم نقلهم بإشباع رغبة القراء من الوجهة الحسية المثيرة، والخيال الذي ينفر منه الذوق الأدبي، وكان هذا اللون من الفن القصصي أقرب إلى التسلية وتزجية أوقات الفراغ، بعيداً عن المفهوم الفني للقصة على الرغم من أن الكثير من المترجمين كانوا في بعض الأحيان ينقلون روائع الأدب الأجنبي، لكنهم تركوا لأقلامهم حرية العبث والتغيير في النصوص الأدبية، فكانت صورة هذه الأعمال يشوبها التشويه والضعف.. وكان أخطر ما تعرضت له القصص المترجمة الحذف والاختصار الذي يكتفي بالإبقاء على الخطوط العريضة لأحداث القصة مع ضغطها ضغطاً شديداً (1). وشجع أصحاب الصحف هؤلاء المترجمين، وذلك لتنويع موادهم القرائية، واجتذاب القراء لكل ما هو مثير وجديد.
من الصعوبات التي تواجه الباحث في صحف ومجلات هذه الفترة عدم وجود مقدمة عن الأديب صاحب النص الأصلي، أو من أين اقتبس؟ ولم يكتف المترجمون بالحذف أو الإضافة وإنما نسبوا بعض هذه القصص إلى أنفسهم!.... هنا بالنسبة للقصص المترجمة في الصحف والمجلات السيارة. أما بالنسبة للقصص العشر التي ترجمها سليمان المشيني واختارها بعناية، فلم تكن كذلك، بل كانت من روائع القصص العالمية، وترجمها بتصرف ترجمة ماتعة رائقة راقية، وقد ذكر أسماء كُتّابها، ومن هذه القصص، صورة في الظلام/ للأديب لويجي كادبجيان، وقلب الأم/ للأديب البرتو مورافيا، والمظلوم/ للأديب تولستوي، وصفحات من البطولة/للأديب برثيوديوس. والظبي الرمادي/ للأديب روبنز كولينز... وغيرها.
ولابدَّ في ختام هذا الفصل (سليمان المشيني قاصاً) بل ومترجماً، لابدَّ من الإشارة إلى إبداع آخر تمّيز به صاحبنا، ألا وهو الكتابة المسرحية، ولعلَّ من أقدم النصوص المسرحية التي كتبها المشيني مسرحيته (بطل من أوراس)، وقد طبعت في فترة مبكرة، إذ نشرت عام 1956م، وللأسف فإنَّ عدداً من أعمال الأستاذ المشيني ليست موجودة أو موثَّقة في مكتبة الجامعة الأردنية، ومكتبة جامعة اليرموك، ومكتبة عبد الحميد شومان،... شأنه شأن رواد الأدب والفكر في هذا البلد الذي نعتزُّ بالانتماء إليه، وهي مسألة بحاجة إلى مزيد من الاهتمام والبحث والتوثيق.
في حين كتب المشيني مسرحية أخرى بعنوان «الأميرة والبطل» وهي من أساطير البطولة والحب في جرش الخالدة كما جاء في تقديمها، وتقع هذه المسرحية في ثمانية فصول، وهي من إخراج أكرم أبو الراغب. أما شخصيات المسرحية فهم: الأمير عباس أمير جرش، والأميرة شموس ابنته، ودرواس حاجبه الأول، وإدريس/ البطل، وميداس/ القائد الروماني وأرتميس/ حارسة جرش كما جاء في الأسطورة، وهنالك مجموعة من الشطار أمثال دموس، وعبدوس والحجاب والجند والقادة. ويمكن تمثيل هذه المسرحية بكل بساطة على مدرج المسرح الشمالي في مدينة جرش الخالدة...(1). كما كتب الأستاذ المشيني مسرحية شعرية بعنوان: «الوحدة العربية» وذلك عام 1957م، لكلية راهبات الوردية، ولتقوم الطالبات الخريجات بتمثيلها، والملاحظ فيها أنَّ عدد الدول العربية آنذاك هو سبع دول. وقد مثّلت دولة الكويت منطقة الخليج العربي، ومُثِّلت مصر والسودان معاً، ومُثِّلت ليبيا ودول المغرب العربي معاً على المسرح فتاة تُمِّثل الأردن وحده، والملاحظ أنًّ دعوة الوحدة العربية التي أطلقها الملك المؤسس المغفور له الملك عبد الله الأول كانت - وما تزال تجري في الدماء، وكانت الدعوة لتحقيقها في ذروتها.... يقول:
دماء العروبة تجري بنا
وتجمعنا لغة سائدهْ
وتاريخنا حافل بالنضال
وآمالنا كلها واحدهْ
توحدنا فكرة حرة
ونسمو بقومية خالدهْ
سنبقى يداً رغم كيد العِدى
نحقق نهضتنا الصاعدهْ... ([43])
* * *
([1]) انظر أحمد المصلح : مدخل إلى دراسة الأدب المعاصر في الأردن، ص 141-143.
([2]) النقد الأدبي، أصوله ومناهجه، ص80- 84، وانظر محمد نجم: فن القصة، ص9- 10.
([3]) انظر : سيد قطب : النقد الأدبي، أصوله ومناهجه، ص 88 - 91، وعزيزة مريدن، القصة والرواية، ص 12-14.
([4]) فاروق خورشيد : بين الأدب والصحافة، ص 106 - 107.
([5]) تأسست في أول تشرين الثاني 1908 في مدينة حيفا، وكانت تصدر مرة واحدة كل أسبوع، وابتداء من 1 كانون الثاني 1909 أخذت تصدر مرتين في الشهر . وتعتبر المجلة الأدبية الأولى في فلسطين . انظر : أحمد العقاد، الصحافة العربية في فلسطين، ص 83-85.
([6]) انظر مقالة محمود الشلبي في استعراض لرسالة الدكتور محمد جمعة الوحش وكانت بعنوان : « مجلة النفائس الفلسطينية واتجاهاتها الأدبية »، جريدة الدستور، 22/5/1981.
([7]) النفائس العدد الأول، 1 تشرين الثاني 1908، وانظر ناصر الدين الأسد، الاتجاهات الأدبية الحديثة في فلسطين والأردن، ص 45 .
([8]) انظر هاشم ياغي : القصة القصيرة في فلسطين والأردن، ص 145.
([9]) مطبعة الحسين، عمان، وهو كتاب حكمة على لسان الحيوانات .
([10]) انظر هاشم ياغي : القصة القصيرة في الأردن وفلسطين، ص 150 - 151 . وخليل بيدس : مسارح الأذهان، ص 10 - 11 .
([11]) طبعت في بيروت، مجلة العرفان، 1954.
([12]) محمد عطيات : القصة الطويلة في الأدب الأردني، ص 16.
([13]) محمود سيف الدين الإيراني : ثقافتنا في خمسين عاماً، ص 123 - 124.
([14]) انظر محمود تيمور : فن القصص، ص 47.
([15]) محمد عطيات : القصة الطويلة في الأدب الأردني، رسالة ماجستير قدمت إلى جامعة القديس يوسف، بيروت، 1981، ص 14.
([16]) غاب عن بال الأستاذ الإيراني مجموعة « أغاني الليل » للدكتور محمد صبحي أبو غنيمة التي نشرها في دمشق عام 1932.
([17]) محمود سيف الدين الإيراني، ثقافتنا في خمسين عاماً، ص 138 - 141 .
([18]) انظر هاشم ياغي : القصة القصيرة في فلسطين والأردن، ص 147.
([19]) طبعت بمطبعة الفجر في يافا سنة 1937.
([20]) نشرت هذه القصة في المجلة الثقافية التي تصدر عن الجامعة الأردنية، العدد الأول، أيلول، 1983، وقدم لها زياد صالح الزعبي، ومصدر هذه القصة الأول هو التوراة، سفر التكوين، حيث سردت قصة المدينة الخاطئة « سدوم » .
([21]) د . أسامة شهاب : صحيفة الجزيرة الأردنية، مرجع سابق، ص 139- 142.
([22]) مطبعة القوات المسلحة الأردنية، عمان، 1968.
([23]) انظر قصته المتميزة « حنين إلى الأقصى » وهي قصة وطنية بأسلوب رومانسي .
([24]) انظر قصصه « صورة من البطولة »، و«اليتيم»، و«الجنة تحت أقدام الأمهات»، وهي قصص سار فيها المشيني على منهجه الرومانسي في طرحها .
([25]) يمكن الاطلاع على قصصه المترجمة الأخرى : « القوة الخفية»، و « قلب الابن»، و«الظبي الرمادي»، و « عيد سعيد » ... وهي تعكس - كذلك - اختياره الدقيق لهذه القصص التي تنسجم مع مبادئه الإنسانية والأخلاقية .
([26]) منشورات وزارة الثقافة، عمان 1989 م .
([27]) انظر هاشم ياغي : القصة القصيرة في فلسطين والأردن، ص 183 وما بعدها، وسمير قطامي : الحركة الأدبية في الأردن ص 143- 146.
([28]) انظر مطارحات الدكتور عبد الرحمن ياغي في كتابه حياة الأدب الفلسطيني الحديث، ص 493 - 505، حول ما عرضه شقيقه الدكتور هاشم ياغي في المرجع السابق.
([29]) سمير قطامي : الحركة الأدبية في الأردن، ص 147.
([30]) انظر محمد يوسف نجم : فن القصة، ص 24.
([31]) المرجع السابق، ص 49.
([32]) انظر محمود تيمور : فن القصص، ص 105.
([33]) سمير قطامي : الحركة الأدبية في شرقي الأردن، ص 147- 148.
([34]) المرجع السابق : ص 149.
([35]) انظر محمود السمرة : مقالات في النقد الأدبي، ص 77 – 82 ، 149 – 150.
([36]) انظر مصطفى عمر : القصة وتطورها في الأدب العربي الحديث، ص 27.
([37]) محمود السمرة : مقالات في النقد الأدبي، ص 9.
([38]) انظر كتابي : صحيفة الجزيرة الأردنية : دورها في الحركة الأدبية، ص 152- 154.
(1) انظر دراسة الدكتور سمير قطامي، مع سليمان المشيني في نثره، ندوة تكريمية للأستاذ المشيني في السلط، في حين صدر كتابه «الحركة الأدبية في الأردن»، عام 1989م.
(2) انظر المرجع السابق، ص 147.
([39]) انظر مقالة خليل السواحري، مجلة أفكار، العدد 36، 37، أيلول، .
([40]) انظر، القصة القصيرة في فلسطين والأردن، ص 15.
([41]) انظر: ص 10 - 15.
([42]) انظر: ثقافتنا في خمسين عاما، 134 - 137. اعتماداً على دراستي: صحيفة الجزيرة الأردنية: ودروها في الحركة الأدبية، مرجع سابق، ص 155.
(1) مصطفى عمر: القصة وتطورها في الأدب العربي، ص 67 - 71 بتصرف، وانظر محمود حامد شوكت: الفن القصصي في الأدب العربي الحديث، ص 64 - 73.
(1) تفّضل الأستاذ المشيني بإهداء الباحث نسخة مخطوطة - بخط يده - من هذه المسرحية، وهي بحاجة إلى الاهتمام الرسمي.